(مِنَ الْعالَمِينَ) : أي من الناس.
(مِنَ الْغابِرِينَ) : الباقين في العذاب.
(وَأَمْطَرْنا) : أنزلنا عليهم حجارة من السماء كالمطر فأهلكتهم.
(الْمُجْرِمِينَ) : أي المفسدين للعقائد والأخلاق والأعراض.
معنى الآيات :
هذا هو القصص الرابع قصص نبي الله تعالى لوط بن هاران ابن أخي ابراهيم عليهالسلام فقوله تعالى (وَلُوطاً ....) (١) أي وأرسلنا لوطا إلى قومه من أهل سذوم ، ولم يكن لوط منهم لأنه من أرض بابل العراق هاجر مع عمه إبراهيم وأرسله الله تعالى إلى أهل سذوم (٢) وعمورة قرب (٣) بحيرة لوط بالأردن.
وقوله إذ قال لقومه الذين أرسل إليهم منكرا عليهم فعلتهم المنكرة : (أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ) وهي اتيان الرجال في أدبارهم (ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ) أي لم يسبقكم إليها أحد من الناس قاطبة ، وواصل إنكاره هذا المنكر موبخا هؤلاء الذين هبطت أخلاقهم إلى درك لم يهبط إليه أحد غيرهم فقال : (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً (٤) مِنْ دُونِ النِّساءِ ، بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ) وإلا فالشهوة من النساء هي المفطور عليها الإنسان ، لا أدبار الرجال ، ولكنه الإجرام والتوغل في الشر والفساد والإسراف في ذلك ، والإسراف صاحبه لا يقف عند حد.
وبعد هذا الوعظ والإرشاد إلى سبيل النجاة ، والخروج من هذه الورطة التي وقع فيها هؤلاء القوم المسرفون ما كان ردهم (إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوهُمْ) أي لوطا والمؤمنين معه (مِنْ قَرْيَتِكُمْ) أي مدينتكم سدوم ، معللين الأمر بإخراجهم من البلاد بأنهم أناس يتطهرون من الخبث الذي هم منغمسون فيه قال تعالى بعد أن بلغ الوضع هذا الحد (فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ) من بناته وبعض نسائه (إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) حيث أمرهم بالخروج من
__________________
(١) هذا العطف على إرسال نوح كما هو مع هود وصالح من قبل لوط ، ولوط : اسم عجمي وليس مشتقا من لطت الحوض أو من قولهم : هذا أليط بقلبي من هذا.
(٢) هذه الأرض هي أرض الكنعانيين وسكانها خليط جلّهم كنعانيون.
(٣) هو المعروف بالبحر الميت ويقال له بحيرة لوط.
(٤) (شَهْوَةً) منصوب على أنّه مفعول لأجله.