(فَيُصْلَبُ) : يقتل مصلوبا على خشبة كما هي عادة القتل عندهم.
(قُضِيَ الْأَمْرُ) : أي فرغ منه وبتّ فيه.
(ظَنَّ أَنَّهُ ناجٍ مِنْهُمَا) : أي أيقن إنه محكوم ببراءته.
(اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ) : أي أذكرني عند الملك بأني مسجون ظلما بدون جريمة.
(فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ) : أي أنسى الشيطان يوسف ذكر ربّه تعالى.
معنى الآيات :
ما زال السياق الكريم في الحديث عن يوسف وهو في السجن لقد سبق أن استعبر الفتيان يوسف رؤياهما أي طلبا منه أن يعبرها لهما لما علما منه أنه يعبر الرؤى غير أن يوسف استغل الفرصة وأخذ يحدثهما عن أسباب علمه بتعبير الرؤى وأنه تركه لملّة الكفر وإيمانه بالله تعالى وحده وأنه في ذلك متّبع ملة آبائه ابراهيم واسحق ويعقوب ، وانه لا ينبغي لهم أن يشركوا بالله وفي هذا تعريض بما عليه أهل السجن من الشرك بالله تعالى بعبادة الأصنام ، وواصل حديثه داعيا إلى الله تعالى فقال ما أخبر به تعالى في هذا السياق (يا صاحِبَيِ (١) السِّجْنِ أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) فخاطب صاحبيه يا صاحبي السجن أخبراني واصدقاني : آرباب أي آلهة متفرقون هنا وهناك ، هذا صنم وهذا كوكب ، وهذا إنسان ، وهذا حيوان ، وهذا لونه كذا وهذا لونه كذا خير أم الله الواحد في ذاته وصفاته القهار لكل ما عداه من سائر المخلوقات ، ولم يكن لهم من جواب سوى (اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) إن العقل يقضي بهذا. ثم خاطب أهل السجن كافة فقال (ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ) (٢) أي من دون الله الواحد القهار (إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ) إنها مجرد أسماء لا غير إذ كونكم تطلقون لفظ إله أو رب على صنم أو كوكب مرسوم له صورة لا يكون بذلك ربّا وإلها إن الرب هو الخالق الرازق المدبر أما المخلوق المرزوق الذي لا يملك نفعا ولا ضرا لنفسه فضلا عن غيره فإطلاق الربّ والإله عليه كذب وزور ، إنّها أسماء ما أنزل الله بها من سلطان (٣) حجة ولا برهانا فتعبد لذلك بحكم أن الله أمر بعبادتها. ثم قال لهم (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) أي ما الحكم إلا لله ، وقد حكم بأن لا يعبد إلا هو ، إذا فكل عبادة لغيره
__________________
(١) أطلق لفظ الصحبة لطول مكثهما في السجن كقوله تعالى : (أَصْحابُ الْجَنَّةِ) وأصحاب النار. وذلك لطول المقام فيهما.
(٢) بيّن بذلك عجز تلك الآلهة الباطلة.
(٣) أي : من حجّة تحكم بمشروعية عبادتها كما تفعلون.