براء.
(أُوحِيَ إِلَيَ) : الوحي : الإعلام السريع الخفي بواسطة الملك وبغيره.
(غَمَراتِ الْمَوْتِ) : شدائده عند نزع الروح.
(باسِطُوا أَيْدِيهِمْ) : للضرب وإخراج الروح.
(عَذابَ الْهُونِ) : أي عذاب الذل والمهانة.
(فُرادى) : واحدا واحدا ليس مع أحدكم مال ولا رجال.
(ما خَوَّلْناكُمْ) : ما أعطيناكم من مال ومتاع.
(وَراءَ ظُهُورِكُمْ) : أي في دار الدنيا.
(وَضَلَّ عَنْكُمْ) : أي غاب.
(تَزْعُمُونَ) : تدعون كاذبين.
معنى الآيات :
ما زال السياق مع المشركين والمفترين الكاذبين على الله تعالى بإتخاذ الأنداد والشركاء فقال تعالى : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) بأن ادّعى (١) أن الله نبأه وأنه نبيه ورسوله كما ادعى (٢) سعد بن ابي سرح بمكة ومسيلمه (٣) في بني حنيفة بنجد والعنسى باليمن : اللهم لا أحد هو أظلم منه ، وممن قال أوحى إلّى شيء من عند الله ، ولم يوح إليه شيء وممن قال : (سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ) من الوحى والقرآن ، ثم قال تعالى لرسوله : (وَلَوْ تَرى) يا رسولنا (إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ) أي في شدائد سكرات الموت ، (وَالْمَلائِكَةُ) ملك الموت وأعوانه (باسِطُوا أَيْدِيهِمْ) بالضرب وإخراج الروح ، وهم يقولون لأولئك المحتضرين تعجيزا
__________________
(١) قال القرطبي : ومن هذا النمط أي المدعي للوحي ولم يوح إليه من أعرض عن الفقه والسنن وما كان عليه السلف من السنن فيقول وقع في خاطري كذا أو أخبرني قلبي بكذا أو أخبرني قلبي عن ربي فيحكمون بما وقع في قلوبهم ويغلب عليهم من خواطرهم ويزعمون أن ذلك لصفائها من الأكدار وخلوها عن الأغيار فتنجلي لهم العلوم الإلهية والحقائق الربانية فيستغنون بذلك عن أحكام الشرع ويقولون هذه الأحكام الشرعية العامة إنما يحكم بها على الأغبياء والعامة وهي زندقة وكفر يقتل قائله ولا يستتاب ولا يحتاج معه إلى سؤال ولا جواب.
(٢) أدعى عبد الله بن سعد الوحي لما كتب لرسول الله صلىاللهعليهوسلم قوله تعالى ولقد خلقنا الإنسان إلى قوله ثم أنشأناه خلقا آخر فاعجبه تفصيل خلق الله تعالى للإنسان قال فتبارك الله أحسن الخالقين. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم هكذا أنزلت فشك عبد الله بن سعد حينئذ وارتد ولحق بالمشركين وأسلم عام الفتح وحسن إسلامه بشفاعة عثمان له إذ كان أخا له من الرضاعة وهو فاتح افريقيا ودعا ربه أن يموت وهو يصلي فمات في صلاة الصبح.
(٣) كانوا يسمونه رحمان اليمامة والعنسي هو الأسود العنسي ومنهم سجاح امرأة مسيلمة قال ابن عباس وقتادة نزلت هذه الآية في مسيلمة.