أسوءك ولا أسرك. قال : تب! قال : ظهر منك جور في حدّ الله وجرأة على معاصيه بقتلك أولياء الله! قال : والله لأقطعنّك قطعا قطعا ولأفرقنّ أعضاءك عضوا عضوا! قال : فإذن تفسد عليّ دنياي وأفسد عليك آخرتك والقصاص أمامك! قال : الويل لك من الله! قال : الويل لمن زحزح عن الجنّة وأدخل النار! فقال : اذهبوا به واضربوا عنقه. فقال سعيد : اني أشهدك اني أشهد ان لا إله إلّا الله وأن محمّدا رسول الله ، لتستحفظه حتى ألقاك بها يوم القيامة! فذهبوا به فتبسّم ، فقال الحجّاج : لم تبسّمت؟ فقال : لجرأتك على الله تعالى! فقال الحجّاج : اضجعوه للذبح! فأضجع. فقال : وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض. فقال الحجّاج : اقلبوا ظهره إلى القبلة. قال سعيد : فأينما تولّوا فثمّ وجه الله! قال : كبّوه على وجهه. فقال : منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى! فذبح من قفاه ، فبلغ ذلك الحسن البصري فقال : اللهمّ يا قاصم الجبابرة اقصم الحجّاج.
وعن خالد بن خليفة عن أبيه قال : شهدت مقتل سعيد بن جبير ، فلمّا بان رأسه قال : لا إله إلّا الله مرّتين والثالثة لم يتمّها ، وعاش الحجّاج بعده خمسة عشر يوما ، وقع الدود في بطنه ، وكان يقول : ما لي ولسعيد بن جبير؟كلّما أردت النوم أخذ برجلي! وتوفي سعيد سنة خمس وتسعين عن سبع وخمسين سنة.
وينسب إليها أبو الطيّب أحمد المتنبي. كان نادر الدهر شاعرا مفلقا فصيحا بليغا ، أشعاره تشتمل على الحكم والأمثال ، قال ابن جنّي : سمعت أبا الطيّب يقول : إنّما لقبّت بالمتنبي لقولي :
ما مقامي بأرض نخلة إلّا |
|
كمقام المسيح بين اليهود |
أنا في أمّة ، تداركها اللّ |
|
ه ، غريب كصالح في ثمود |
وكان لا يمدح إلّا الملوك العظماء ، وإذا سمع قصيدة حفظها بمرّة واحدة ،