وبها نوع من البطيخ الهندي تحمل اثنتان منه على جمل قوي ، وهي حلوة طيّبة.
وبها حمير في حجم الكباش ملمعة بشبه البغال ، ليس مثلها في شيء من البلاد ، إذا أخرجت من موضعها لم تعش.
وبها طير كثير أسود البدن أبيض الرأس يقال له عقاب النيل ، إذا طار يقول :الله فوق الفوق! بصوت فصيح يسمعه الناس ، يعيش من سمك النيل لا يفارق ذلك الموضع.
والبرغوث لا ينقطع بمصر شتاء ولا صيفا ، وتولد الفأر بها أكثر من تولدها في سائر البلاد ، فترى عند زيادة النيل تسلّط الماء على جحرتها ، فلا يبقى في جميع ممرّ الماء فأرة ثمّ تتولّد بعد ذلك بأدنى زمان.
ومن عجائب مصر الدويبة التي يقال لها النمس ؛ قال المسعودي : هي دويبة أكبر من الجرذ وأصغر من ابن عرس ، أحمر أبيض البطن ، إذا رأت الثعبان دنت منه فينطوي عليها الثعبان ليأكلها ، فإذا حصلت في فمه ترخي عليه ريحا فينقطع الثعبان من ريحها. وهذه خاصيّة هذه الدويبة ، قالوا ينقطع الثعبان من شدّته قطعتين ، فإنّها لأهل مصر كالقنافذ لأهل سجستان.
ومن عجائب مصر الهرمان المحاذيان للفسطاط ؛ قال أبو الصلت : كلّ واحد منهما جسم من أعظم الحجارة ، مربع القاعدة مخروط الشكل ، ارتفاع عموده ثلاثمائة ذراع وسبعة عشر ذراعا ، يحيط بها أربعة سطوح مثلثات متساويات الأضلاع ، كلّ ضلع منها أربعمائة ذراع وستّون ذراعا ، وهو مع هذا العظم من أحكم الصنعة واتقان الهندام وحسن التقدير ، لم يتأثّر من تضاعف الرياح وهطل السحاب وزعزعة الزلازل.
وذكر قوم أن على الهرمين مكتوبا بخط المسند : إني بنيتهما فمن يدّعي قوّة في ملكه فليهدمهما ، فإن الهدم أيسر من البناء ، وقد كسوناهما بالديباج فمن استطاع فليكسهما بالحصير.
وقال ابن زولاق : لا نعلم في الدنيا حجرا على حجر أعلى ولا أوسع منهما ،