فيلقى منه التباريح.
وأهل أردبيل مشهورون بكثرة الأكل ؛ حكى بعض التجّار قال : رأيت بها راكبا وقدّامه طبول وبوقات ، سألت عن شأنه فقالوا : إنّه تراهن على أكل تسعة أرطال أرز ورأس بقر ، وقد فعل ، ورطل أردبيل ألف وأربعون درهما ، وأرزّهم إذا طبخ يصير ثلاثة أضعاف ، فإنّه قد غلب.
أرسلان كشاد
قلعة كانت على فرسخين من قزوين على قلّة جبل. ذكر أن الإسماعيليّة في سنة خمس وتسعين وخمسمائة جاؤوا بالآلات على ظهر الدوابّ إليها في ليلة ، فلمّا أصبح أهل قزوين سدت مسالكها فصعب عليهم ذلك ، فشكوا إلى ملوك الأطراف فما أفادهم ذلك شيئا حتى قال الشيخ عليّ اليوناني ، وكان صاحب كرامات وعجائب : أنا أكشف عنكم هذه الغمّة! فكتب إلى خوارزمشاه تكش بن ايل ارسلان بن اتسز : بعلامة انّك كنت في ليلة كذا وكذا ، كنت وحدك تفكّر في كذا وكذا ، انهض لدفع هذا الشرّ عن أهل قزوين ، وإلّا لتصابنّ في ملكك ونفسك! فلمّا قرأ خوارزمشاه كتابه قال : هذا سرّ ما اطّلع عليه غير الله! فجاء بعساكره وحاصر القلعة وأخذها صلحا ، وشحنها بالسلاح والرجال وسلّمها إلى المسلمين وعاد.
وكانت الباطنية قد نقبوا طريقا من القلعة إلى خارجها وأخفوا بابها ، فدخلوا من ذلك النقب ليلا ، فلمّا أصبحوا كانت القلعة تموج من الرجال الباطنيّة ، فقتلوا المسلمين وملكوا القلعة ، فبعث الشيخ إلى خوارزمشاه مرّة أخرى ، فجاء بنفسه وحاصرها بعساكره وأهل قزوين شهرين ، والباطنية عرفوا أن السلطان لا يرجع دون العرض ، فاختاروا تسليمها على أمان من فيها ، فأجابهم السلطان إلى ذلك. قالوا : نحن ننزل عن القلعة دفعتين ، فإن لم تتعرّضوا للفرقة الأولى تنزل الثانية والقلعة لكم ، وإن تعرّضتم للفرقة الأولى فالفرقة الثانية تمنعكم عن القلعة.