فلمّا نزلوا خدموا للسلطان وذهبوا كلّهم ، فانتظر المسلمون نزول الفرقة الثانية فما كان فيها أحد نزلوا كلّهم دفعة ، فأمر السلطان بتخريبها وابطال حصانتها ، وهي كذلك إلى زماننا هذا ، والله الموفق.
أرمية
بلدة حصينة بآذربيجان كثيرة الثمرات واسعة الخيرات ، بقربها بحيرة يقال لها بحيرة أرمية ، وهي بحيرة كريهة الرائحة لا سمك فيها. وفي وسط البحيرة جزيرة بها قرى وجبال وقلعة حصينة ، حولها رساتيق لها مزارع ، واستدارة البحيرة خمسون فرسخا يخرج منها ملح يجلو شبه التوتيا ، وعلى ساحلها ممّا يلي الشرق عيون ينبع الماء منها ، وإذا أصابه الهواء يستحجر.
ومن عجائبها ما ذكر صاحب تحفة الغرائب : ان في بطائح بحر ارمية سمكة تتّخذ من دهنها ومن الموم شمعة ، وتنصب على طرف سفينة فارغة تخلى على وجه الماء ، فإن السمك يأتي بنور ذلك الشمع ، ويرمي نفسه في السفينة حتى تمتلىء السفينة من السمك ، ولتكن سفينة مقعّرة حتى لا يفلت السمك منها.
أستوناوند
قلعة مشهورة بدنباوند من أعمال الري. وهي من القلاع القديمة والحصون الحصينة ، عمرت منذ ثلاثة آلاف سنة لم يعرف انّها أخذت قهرا إلى أن تحصن بها ابن خوارزمشاه ركن الدين غورسايحي عند ورود التتر ، سنة ثماني عشرة وستمائة ، وقد عرض عليه استوناوند وأردهن فترجّح استوناوند في نظره مع حصانة أردهن. قالوا : لو كان على اردهن رجل واحد لم تؤخذ منه قهرا أبدا إلّا إذا أعوزته الميرة ، فتحصّن بها فعلم التتر به ونزلوا عليها ، وجمعوا حطبا كثيرا جعلوه حولها ثمّ أضرموا فيه النار ، فانصدع صخرها وتفتّت وزالت حصانتها ثمّ صعدوا ، وابن خوارزمشاه قاتل حتى قتل.