في أحسن صنعة ؛ قالوا : إنّهما طلسمان لآفات المدينة. ويكثر بنهاوند شجر الخلاف ما في شيء من البلاد بكثرتها ، تتّخذ منها الصوالج وتحمل إلى سائر البلاد.
النّهروان
كورة واسعة بين بغداد وواسط في شرقي دجلة ، كانت من أجمل نواحي بغداد وأكثرها دخلا ، وأحسنها منظرا وأبهاها فخرا. أصابتها عين الزمان فخربت بسبب الاختلاف بين الملوك السلجوقية وقتال بعضهم بعضا. وكانت ممرّ العساكر فجلا عنها أهلها واستمرّ خرابها ، والآن مدنها وقراها تلال والحيطان قائمة ، ثمّ بعد خرابها من شرع في عمارتها من الملوك مات قبل تمامها ، حتى اشتهر ذلك واستشعر الملوك من تجديد عمارتها وتطيروا بها إلى زمن المقتفي.
فأراد بهرور الخادم عمارتها فقالوا له : ما شرع في عمارتها أحد إلّا مات قبل تمام عمارتها! فشرع في عمارتها غير ملتفت إلى هذا القول ، فمات أيضا قبل تمامها ، فبقيت على حالها إلى زماننا هذا.
ينسب إليها القاضي أبو الفرج بن المعافى بن زكرياء النهرواني. كان عالما فاضلا مشهورا وحيد دهره. قال : حججت سنة فإذا أنا بمنى ينادي مناد يقول :يا أبا الفرج! قلت : يطلب غيري. ثمّ قال : يا أبا الفرج بن المعافى! قلت :لعلّ شخصا وافق اسمه واسم أبيه اسمي واسم أبي. ثمّ قال : يا أبا الفرج بن المعافى بن زكرياء! فما أجبت. ثمّ قال : يا أبا الفرج بن المعافى بن زكرياء النهرواني! فقلت : الآن اتّضح اني أنا المطلوب. فقلت : ها أنا ذا ، ماذا تريد؟فقال : لعلّك أنت من نهروان الشرق! قلت : نعم! قال : إني أريد من هو من نهروان الغرب.