وما تمّ ذلك.
وحكي انّه نزل ببعض الربط ، فوجد أهلها شاكين من كثرة الطير ووقوع ذرقها وتنجّس ثيابهم بها ، فاتّخذ تمثال الطير من الطين ونصبه على شرفة من شرفات الموضع فانقطع الطير عنها.
وحكي أن بعض الفقهاء كان يمشي إليه كلّ يوم قبل طلوع الشمس ، ويقرأ عليه درسا من الحكمة ، فإذا حضر عند الناس ذكره بالسوء ، فأمر عمر بإحضار جمع من الطبالين والبوقيين وجباهم في داره ، فلمّا جاء الفقيه على عادته لقراءة الدرس ، أمرهم بدقّ الطبول والنفخ في البوقات ، فجاءه الناس من كلّ صوب ، فقال عمر : يا أهل نيسابور هذا عالمكم يأتيني كلّ يوم في هذا الوقت ، ويأخذ مني العلم ، ويذكرني عندكم بما تعلموني ، فإن كنت أنا كما يقول فلأيّ شيء يأخذ علمي ، وإلّا فلأيّ شيء يذكر الأستاذ بالسوء؟
وينسب إليها أبو حمزة الخراساني. كان من أقران الجنيد وأبي تراب النّخشبي وأبي سعيد الخرّاز. قال : حججت في بعض السنين ، فبينما أنا أمشي في الطريق إذ وقعت في بئر ، فنازعتني نفسي أن أستغيث حتى يأتيني أحد ، فخالفت النفس وقلت : والله لا أستغيث ؛ فما استتمّت هذه الخطرة حتى أتى برأس البئر رجلان أحدهما يقول للآخر : تعال حتى نسدّ رأس هذه البئر كيلا يقع إنسان فيها. فأتيا بقصب وبارية وسدّا رأس البئر ، فهممت أن أصيح ثمّ قلت في نفسي : أصيح إلى من هو أقرب منهما. فسكتّ. فبينما أنا بعد ساعة إذ جاء شيء وكشف رأس البئر وأدلى رجليه فكأنّه يقول في همهمته : تعلّق بي! فتعلّقت به فأخرجني ، فإذا هو سبع ، فهتف بي هاتف : أليس هذا أحسن؟ نجيناك بالمتلف من التلف!
وينسب إليها أبو القاسم المنادي.
وينسب إليها أبو الطيب سهل الصعلوكي. تصدّر للقضاء والتدريس بنيسابور واجتمع عليه فقهاء خراسان ، ووضع في مجلسه خمسمائة محبرة عند إملائه.