أصفر فصار كأنّه برد محبّر من صفرة النحاس وسواد الحديد.
ومن الأخبار المشهورة حديث سلّام الترجمان ؛ قال : إن الواثق بالله رأى في المنام أن السدّ الذي بناه ذو القرنين بيننا وبين يأجوج ومأجوج مفتوح ، فأرعبه هذا المنام فأحضرني وأمرني بالمشي إلى السد والنظر إليه ، والرجوع إليه بالخبر ، وضمّ إليّ خمسين رجلا ، ووصلني بخمسة آلاف درهم ، وأعطاني ديتي عشرة آلاف درهم ، ومائتي بغل تحمل الزاد والماء. قال : فخرجنا من سرّ من رأى بكتاب إلى صاحب أرمينية إسحق بن إسماعيل ، وكان إسحق بمدينة تفليس ، فأمره بإنفاذنا وقضاء حوائجنا ، فكتب إسحق إلى صاحب السرير ، وصاحب السرير كتب إلى طرخان صاحب اللان ، وصاحب اللان إلى فيلانشاه ، وفيلانشاه كتب إلى ملك الخزر ، وملك الخزر بعث معنا خمسة نفر من الأدلّاء.
فسرنا ستّة وعشرين يوما فوصلنا إلى أرض سوداء منتنة الرائحة ، وكنّا حملنا معنا خلّا لنشمّه لدفع غائلة رائحتها بإشارة الادلّاء ، وسرنا في تلك الأرض عشرة أيّام ثمّ صرنا في بلاد خراب مدنها. فسرنا فيها سبعة وعشرين يوما فسألنا الادلّاء سبب خرابها ، فقالوا : خربها يأجوج ومأجوج. ثمّ صرنا إلى حصن قريب من الجبل الذي يقوم السدّ في بعض شعابه ، ومنه جزنا إلى حصن آخر وبلاد ومدن فيها قوم مسلمون يتكلّمون بالعربيّة والفارسيّة ، ويقرأون القرآن ، ولهم مساجد ، فسألونا : من أين أقبلتم وأين تريدون؟ فأخبرناهم أنّا رسل الأمير. فأقبلوا يتعجّبون ويقولون : أشيخ أم شاب؟ قلنا : شاب. فقالوا : أين يسكن؟ قلنا : بأرض العراق في مدينة يقال لها سرّ من رأى. فقالوا : ما سمعنا بهذا قطّ.
ثمّ ساروا معنا إلى جبل أملس ليس عليه شيء من النبات ، وإذا هو مقطوع بواد عرضه مائة وخمسون ذراعا ، فإذا عضادتان مبنيتان ممّا يلي الجبل من جنبتي الوادي ، عرض كلّ عضادة خمسة وعشرون ذراعا ، الظاهر من ثخنها عشرة أذرع خارج الباب ، كلّه مبني بلبن حديد مغيّب في نحاس في سمك خمسين ذراعا ، وإذا دروند حديد طرفاه في العضادتين طوله مائة وعشرون ذراعا قد