واستحلال أموال الناس ، والزنا والكذب ، والنميمة ، والبذاء ، والشتم ، وشناعة الألقاب ، والسفه ، والجحد لجزاء الآخرة ، وباستكمال عشر خصال : إحداها : الجود والكرم ، والثانية : العفو عن المسيء ، ودفع الغضب بالحلم ، والثالثة : التعفف عن الشهوات الدنيوية، والرابعة : الفكرة في التخلص إلى ذلك العالم الدائم الوجود من هذا العالم الفاني ، والخامسة : رياضة العقل بالعلم والأدب ، وكثرة النظر إلى عواقب الأمور ، والسادسة : القوة على تصريف النفس في طلب العليات ، والسابعة : لين القلب وطيب الكلام مع كل أحد ، والثامنة : حسن المعاشرة مع الإخوان بإيثار اختيارهم على اختيار نفسه ، والتاسعة : الإعراض عن الخلق بالكلية والتوجه إلى الحق بالكلية ، والعاشرة : بذل الروح شوقا إلى الحق، ووصولا إلى جناب الحق.
وزعموا أن البددة أتوهم على عدد الهياكل من نهر الكنك ، وأعطوهم العلوم وظهروا لهم في أجناس وأشخاص شتى ، ولم يكونوا يظهرون إلا في بيوت الملوك لشرف جواهرهم ، وقالوا : ولم يكن بينهم اختلاف فيما ذكر عنهم من أزلية العالم ، وقولهم في الجزاء على ما ذكرنا ، وإنما اختص ظهور البددة بأرض الهند لكثرة ما فيها من خصائص التربة والإقليم ، ومن فيها من أهل الرياضة والاجتهاد ، وليس يشبه البد على ما وصفوه إن صدقوا في ذلك إلا بالخضر الذي يثبته أهل الإسلام.
٢ ـ أصحاب الفكرة والوهم
وهؤلاء أعلم منهم بالفلك والنجوم وأحكامها المنسوبة إليهم ، وللهند طريقة تخالف طريقة منجمي الروم والعجم ؛ وذلك أنهم يحكمون أكثر الأحكام باتصالات الثوابت دون السيارات ، وينشئون الأحكام عن خصائص الكواكب دون طبائعها ، ويعدون زحل السعد الأكبر ، وذلك لرفعة مكانه ، وعظم جرمه ، وهو الذي يعطي العطايا الكلية من السعادة ، والجزئية من النحوسة ، وكذلك سائر الكواكب لها طبائع وخواص ، فالروم يحكمون من الطبائع ، والهند يحكمون من الخواص ، وكذلك طبهم ، فإنهم يعتبرون خواص الأدوية دون طبائعها ، والروم تخالفهم في ذلك.