وبذلك يتبيّن لنا أنّ الجدال فيه قسـم مذموم ؛ لأنّه مبنيٌّ على الباطل ، وقسم حسن وهو المأمور به ، وقد بيّن الإمام جعفر بن محمّـد الصادق عليهالسلامذلك ، عندما قيل له في النهي عن الجدل ـ في ما رواه الإمام أبو محمّـد الحسـن بن علي العسـكري عليهماالسلام ـ بقوله : «أمّا الجدال بغير التي هي أحسـن ، فأن تجادل [به] مبطلا فيورد عليك باطلا ، فلا تردّه بحجّة قد نصبها الله ، ولكن تجحد قوله أو تجحد حقّاً ، يريد ذلك المبطل أن يعين به باطله ، فتجحد ذلك الحقّ مخافة أن يكون له عليك فيه حجّة ، لأنّك لا تدري كيف المخلص منه ، فذلك حرام على شـيعتنا أن يصيروا فتنة على ضعفاء إخوانهم وعلى المبطلين.
أمّا المبطلون فيجعلون ضعف الضعيف منكم إذا تعاطى مجادلته ، وضعف ما في يده ، حجّة له على باطله.
وأمّا الضعفاء منكم فتغمّ قلوبهم ؛ لِما يرون من ضعف المحقّ في يد المبطل.
وأمّا الجدال بالتي هي أحسـن ، فهو ما أمر الله تعالى به نبيّه أن يجادل به ... ـ إلى أن قال : ـ لأنّ فيها قطع عذر الكافرين وإزالة شـبههم»(١).
فهذه هي الطرق التي أُمرنا باتّباعها بغية تحقّق ما يرجى من ورائها.
ولا يخفى أنّ الغاية المرجوّة من لزوم اتّباع هذه الطرق ، هي شـمول الهداية لأكبر عدد ممكن من الناس ، كما هو المسـتفاد من الآية المتقدّمة وغيرها من الآيات الكريمة ، وأحاديث النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) والمعصومين عليهمالسلام
__________________
(١) الاحتجاج ١ / ٢٤ ـ ٢٦.