إلاّ أنّها بالغة الأهمّـيّـة ؛ لِما فيها من دلالة على علوّ مكانة الشـيخ الصدوق الذي ذاع صيته وعلمه وفضله بين القاصي والداني ، حتّى وصلت شـهرته إلى مسـامع الملك ركن الدولة ممّا دعاه إلى أن يرسـل بطلبه والحضور بين يديه ، وبعد مجيء الشـيخ أجلسـه إلى جانبه ، وما أن بدأ المجلس حتّى
__________________
وفيه تأمّـل ؛ لأنّ من البعيد رواية شـاذان بن جبرئيل عن جعفر بن محمّـد الدوريسـتي من دون واسـطة في أقلّ تقدير ؛ لأنّه كان حيّـاً سـنة ٥٩٣ هـ على ما ذكره السـيّد فخار بن معد في كتابه «إيمان أبي طالب» ص ٩٠ ، في روايته عنه بواسـط في تلك السـنة ، وحتّى لو كان من المعمّرين ، فمن البعيد روايته عنه.
نعم ، ألّف كتابه «إزاحة العلّة في معرفة القبلة» سـنة ٥٥٨ هـ ، كما صرّح به في ديباجته.
انظر : الذريعة ١ / ٥٢٧ رقم ٢٥٧٢.
ولو قلنا : إنّه ألّفه وهو في السـتّين من عمره ، فروايته عن الدوريسـتي مسـتبعدة كذلك.
ثمّ كيف يروي عنه من دون واسـطة؟! وهو الذي يروي عن الشـيخ أبي عليّ ابن الشـيخ أبي جعفر الطوسـي ـ الذي كان حيّاً سـنة ٥١١ هـ ، كما في مواضع كـثيرة جدّاً من كتاب «بشـارة المصطفى» ـ بواسـطة عماد الدين الطبري ـ صاحب «البشـارة» ، الذي كان حيّاً سـنة ٥٥٣ هـ ـ على ما في إجازة العلاّمة ؛ كما في البحـار ١٠٧ / ٦٩ ، فضلا عن كون الدوريسـتي أعلى طبقة من أبي عليّ الطوسـي ، بل هو في عداد طبقة أبيه وإن تأخّرت وفاته عنه ، رحمة الله عليهم جميعاً.
وممّا ينبغي التنبيه إليه كذلك ، ما ذكره كحّالة في معجم المؤلّفين ١ / ٨٠٧ رقم ٥٩٧٣ ، في ترجمة شـاذان بن جبرئيل ، أنّه كان حيّاً في حدود سـنة ٦٥٠ هـ ، وفي كتابه «الفضائل» المطبوع ، أنّ وفاته سـنة ٦٦٠ هـ ، وهو بعيد للغاية ، لرواية الشـيخ سـديد الدين والد العلاّمة ، وجمال الدين ابن طاووس ، والمحقّق الحلّي عنه بواسـطة السـيّد فخار بن معد ، المتوفّى سـنة ٦٣٠ هـ ، وإلاّ لرووا عنه من دون واسـطة ، فضلا عن رواية السـيّد فخار عنه وهو متأخّر عنه بطبقة ، والذي نحتمله أنّه توفّي حدود السـتّمئة.
والمتحصّل ممّا تقدّم : أن ما نسـبه التسـتري ، ونقله عنه غيره ، من أنّ المقـرِّر للمناظرة هو جعفر بن محمّـد الدوريسـتي ، ليـس بتامّ!