كقوله تعالى : (وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ)(إِنَّهُ) تعالى (لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) أي يكره المبذّرين. وفي الكافي والعياشي أن الإمام الرضا عليهالسلام سئل عن هذه الآية فقال : كان أبي يقول : من الإسراف في الحصاد والجذاذ أن يتصدّق الرجل بكفّيه جميعا. وكان أبي إذا حضر شيئا من هذا ، فرأى أحدا من غلمانه يتصدّق بكفّيه صاح به : أعط بيد واحدة ، القبضة بعد القبضة ، والضّغث بعد الضّغث. وعن الإمام الصادق عليهالسلام أنه سئل عن هذه الآية فقال : كان فلان بن فلان الأنصاري ـ وسمّاه باسمه ـ كان له حرث ، وكان إذا أخذه تصدّق به ويبقى هو وعياله بلا شيء ، فجعل الله عزوجل ذلك. وكذلك سئل الإمام الرضا عليهالسلام : إن لم يحضر المساكين وهو يحصد كيف يصنع؟ قال : ليس عليه شيء.
١٤٢ ـ (وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً ...) أي أنه سبحانه وتعالى خلق من نوع الأنعام كما خلق من أنواع النباتات التي ذكرها في الآية الكريمة السابقة. وجعل هذه الأنعام حمولة : حاملة للأثقال بل هي كثيرة الحمل للأمتعة وقوية عليها. قد جعلها كذلك وجعل فيها الفرش المتعارفة التي تنسج من صوفها ووبرها وأباحها لنا وقال : (كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ) منها من لحم ولبن (وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ) لا تطيعوا إبليس في تحريم شيء منها من عند أنفسكم (إِنَّهُ) أي الشيطان اللّعين (لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) ظاهر العداوة لكم يا بني آدم ، وعداوته لكم غير خافية بل هي كالنّار على المنار.
١٤٣ ـ (ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ : مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ ...) ثمانية : بدل من حمولة وفرشا ، ولذلك جاءت منصوبة. والزّوج ما معه آخر من جنسه. من الضّأن أي الغنم ، والمعز ، اثنين : أي الأهلي والوحشيّ من الجنسين (قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ) أي ذكر الضأن والمعز هل هما المحرّمان أم الأنثى من كلّ منهما؟ (أَمَّا) هي مدغمة من : أم و : ما