٢٢ ـ (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ...) قوله تعالى : جميعا تأكيد وتهويل من ذلك اليوم ـ يوم الحشر ـ والعياذ بالله من أهواله وشروره. فقد قال سبحانه سنحشرهم في ذلك اليوم (ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا : أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ؟) يعني أين آلهتكم التي جعلتموها شركاء لله؟ وهذا السؤال خطاب توبيخيّ ، بل توهين للمشركين وتعجيز لهم حيث إنهم غير قادرين على إيجاد الشريك لله تعالى في ذلك اليوم ، لأنه لا شريك له في كل حال فكيف يجدون الشريك فيأتون به؟. إن إيجاد المحال محال بقانون التساوي بين نفس الشيء وإيجاده. فيا أيها المشركون أين شركاؤكم (الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) وتظنون غرورا أنهم شركاء لله جلّ وعلا؟. الأمر الذي يبهتهم ويجعلهم خاضعين للأمر الواقع باخعين للحجة الدامغة التي تلزمهم بعد عبادة الأصنام والأوثان من دون الله عزّ اسمه.
٢٣ ـ (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ ...) أي اختبارهم ـ بالمعنى اللغوي ـ ولكن جاء في المجمع عن الإمام الصادق عليهالسلام : ثم لم تكن معذرتهم التي يتوهّمون التخلص بها من عذاب الله. فإن عذاب الفتنة أشد من عذاب القتل وخصوصا حين تكون المعذرة غير ميسّرة ، فلا يكون منهم (إِلَّا أَنْ قالُوا : وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) فهم يحلفون بالله كذبا لشدة دهشتهم وحيرتهم أمام هذا السؤال المفاجئ منه سبحانه عن الشركاء التي نصبوها له.
وإن أيمانهم لا تنفعهم في ذلك اليوم لأنها أيمان كاذبة تكشف عن تعمّدهم الكذب حين يحلفون ، إذ لو كانوا يعتقدون أن الله وحده هو ربّهم لما أشركوا معه معبودا ولا صنما ، فكيف يقسمون به ويقولون إنه ربّهم؟ ... وفي الكافي عن الإمام الباقر عليهالسلام أن الآية تعني السؤال عن ولاية علي بن أبي طالب عليهالسلام.