٣٣ ـ (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ...) اللام في : ليعذّبهم ، لام الجحد. وفي هذه الآية الشريفة ذكر الله سبحانه سبب إمهال أهل مكة وعدم إنزال العذاب عليهم. والمعنى أنه تعالى لم يكن ليعذّب كفار مكة عذاب استئصال ما زال النبيّ صلىاللهعليهوآله مقيما بينهم لفضله وحرمته على الله جلّ وعز ، لأنه (ص) بعثه الله رحمة للعالمين ولا ينزل العذاب بهم إلا بعد أن يفعلوا ما يستحقون به سلب نعمة وجودك بينهم ، أي حين يخرجونك من مكة (وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) أي أنه لا يعذّبهم وفيهم مؤمنون يستغفرون ، ولذلك رفع العذاب عن المكيّين بعد خروجه (ص) منها لما فيها ممن آمن وتأخّر عن الهجرة لعذر ، ولذلك أيضا أذن الله سبحانه بفتحها بعد خروجهم منها وبعد أن كانت حرمة استغفارهم تدفع العذاب عن أهلها. ولا يخفى أن هذه الآية الكريمة جاءت جوابا على قول المشركين : اللهم إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء ... أما حين همّوا بقتل رسول الله صلىاللهعليهوآله وأخرجوه من مكة ، فقد أنزل الله سبحانه :
٣٤ ـ (وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ ...) أي وكيف يحجب الله تعالى عنهم العذاب ، ولم لا يعذّبهم ، وبأي أمر يجب ترك تعذيبهم (وَهُمْ يَصُدُّونَ) أي يمنعون (عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) أولياءه الحقيقيين؟ وقد حذفت لفظة : (أَوْلِياءَهُ) لدلالة ما بعدها عليها (وَما كانُوا) أي المشركون ما كانوا أولياء المسجد الحرام وإن عملوا لعمارته وسعوا لسدانته (إِنْ أَوْلِياؤُهُ) أي ليس أولياؤه بالحق والحقيقة (إِلَّا الْمُتَّقُونَ) المؤمنون الذين يخافون سخط الله. (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) ذلك ولا يعرفونه بحقيقة ولاية بيت الله والمسجد الحرام.
فاذا قيل كيف يكون الجمع بين هاتين الآيتين ، وفي الأولى نفي تعذيبهم ، وفي الثانية إثباته؟ نقول قد ذكر صاحب المجمع قدّس الله سرّه ثلاثة أوجه للجواب عن ذلك :