النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَقالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ اللهَ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ (٤٨) إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَإِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٤٩) وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ (٥٠) ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (٥١))
٤٨ ـ (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ ...) أي : واذكروا ـ أيها المؤمنون ـ يوم زيّن : حسّن الشيطان للمشركين ما قاموا به من المسير إلى بدر لقتال النبيّ صلىاللهعليهوآله ومن معه من المسلمين. وقد دخلت الواو في : وإذ ، عطفا على حال المشركين يوم خرجوا بطرا ورئاء وصدّا عن سبيل الله. فقد زهّدهم الشيطان بالمسلمين ، وغرّهم بأنفسهم (وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ) أي لن يغلبكم أحد في هذا اليوم فأنتم أكثر عددا وعدّة وأقوى جماعة (وَإِنِّي) أنا بنفسي مع قوّتكم وكثرتكم (جارٌ لَكُمْ) أي ناصر لكم أدفع السوء عنكم ، وعندي عقد الأمان عليكم من عدوّكم وأنا كفيل به ، وذلك من الإجارة ، ومنه قوله تعالى : (وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ)(فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ) أي رأت كلّ واحدة منهما صاحبتها والتقت بها (قالَ) الشيطان للكافرين : (إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ) راجع عن ضماني لكم ومتبرّئ ممّا أخذته على نفسي من العهد بإجارتكم وأمانكم وسلامتكم حيث (إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ) من الملائكة الذين نزلوا لنصر المؤمنين ، فإبليس اللعين يعرف الملائكة يقينا وهم يعرفونه ، ولذلك ذعر