(٣٤) يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (٣٥))
٣٤ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ ...) خطاب منه سبحانه يدل به المؤمنين بأن أكثر الرّهبان والأحبار (لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ) أي يأخذونها رشى على الأحكام بما يرضي الناس ، ولا يخفى أن أكل المال بالباطل يعني أخذه من الجهات المحرّمة ، وقد وضع الأكل مكان التملّك ، لأن التملّك نفسه معظمه من أجل الاكل (وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) يمنعون غيرهم عن الإسلام الذي هو طريق النجاة ، وعن الاعتراف بمحمد (ص) مع أنه دعاهم لما فيه خلاصهم (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ) أي يجمعونها ويكدّسونها بعضها فوق بعض لتتراكم وتكثر (وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ) يعني : ولا يؤدّون زكاتها ، فقد روي عنه (ص) أنه قال : كلّ مال لم تؤدّ زكاته فهو كنز وإن كان ظاهرا ، وكلّ مال أدّيت زكاته فليس بكنز ولو كان مدفونا في الأرض. وهذه الآية تشمل مانعي الزكاة من الأمة الإسلامية أيضا بدليل عمومها في الفريقين (فَبَشِّرْهُمْ) هؤلاء أو هؤلاء من مانعي الزكاة عدهم يا محمد (بِعَذابٍ أَلِيمٍ) موجع ، وذلك في يوم القيامة ، أي :
٣٥ ـ (يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ ...) يعني حين يوقد على الذهب والفضة المكتنزة في نار جهنّم حتى تصير جمرا (فَتُكْوى بِها) أي بالكنوز المدّخرة المحماة (جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ) جميعا تكوى بها ، وهي معظم البدن ، وقد كان أبو ذرّ رضوان الله عليه يقول : بشّر الكانزين بكيّ في الجباه وكيّ في الجنوب وكيّ في الظهور حتى يلتقي الحرّ في أجوافهم. وهذا حق ، لأن الأعضاء المسماة كلها قريبة من التجاويف الفرعية والجوف العام ، بخلاف اليد والرجل وغيرهما. وقيل : تكوى بها الجباه لأنها محل