ويلك ، ومن يعدل إذا لم أعدل ، فقال عمر : يا رسول الله ائذن لي فأضرب عنقه ، فقال النبيّ (ص) : دعه فإن له أصحابا يحتقر أحدكم صلاته مع صلاتهم ، وصيامه مع صيامهم ، يمرقون من الدّين كما يمرق السهم من الرميّة ... إلى أن قال : يخرجون على فترة من الناس وفي حديث آخر قال : فإذا خرجوا فاقتلوهم ، وكرّرها ، فنزلت هذه الآية الشريفة.
أجل ، إن من المنافقين من كان يلمز الرسول (ص) في تقسيم الصدقات (فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها) أي إذا منحوا من الصدقات (رَضُوا) وأعجبهم التقسيم واعترفوا بعدل التقسيم (وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها) وحرموا لعدم استحقاقهم (إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ) أي يغضبون وينقمون ثم يعيبون التقسيم. وقال أبو عبد الله الصادق عليهالسلام : أهل هذه الآية أكثر من ثلثي الناس ـ والعياذ بالله من ذلك ـ.
٥٩ ـ (وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا ما آتاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ...) أي : لو أن المنافقين الذين عابوا توزيع الصدقات قنعوا بما أعطاهم الله ورسوله منها (وَقالُوا) حالة كونهم كذلك : (حَسْبُنَا اللهُ) يعني : يكفينا الله (سَيُؤْتِينَا اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ) أي سيعطينا الله من إنعامه ، ويعطينا رسوله من تفضّله (إِنَّا إِلَى اللهِ راغِبُونَ) أي متوجّهون إليه بكليّتنا ، فهو الذي يوسّع علينا من فضله ويجعلنا في غنيّ عن أموال الناس. وقيل : بل راغبون في ثوابه وصرف عذابه .. أما جواب (لَوْ) فمحذوف وتقديره : لو أنهم فعلوا ذلك لكان خيرا لهم ، وحذف الجواب في هذا الموضع من أبلغ الكلام وأحسن البيان.
٦٠ ـ (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ ...) هذه الآية الكريمة تبيّن وجوه صرف الصدقات ، أي زكاة الأموال. فهي تعطى للفقراء والمساكين ، والفرق بين الفقير والمسكين دقيق لا يكاد يعرّف وإن كانوا قد قالوا : إن الفقير هو المتعفّف الذي لا يسأل ، والمسكين هو الذي يسأل ... وقيل إن المسكين مشتقّ من المسكنة بالمسألة. فالمهمّ أن الصدقات تعطى لهما (وَ) لـ