طائِفَةً بِأَنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ (٦٦))
٦٤ ـ (يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ ...) أي يحترز المنافقون ويخشون نزول سورة من الوحي (تُنَبِّئُهُمْ) تكشف ما يضمرون من نفاق وتخبرهم (بِما فِي قُلُوبِهِمْ) من الشّرك والنفاق والكيد لمحمد (ص) ودعوته. وهذه الآيات الشريفة نزلت في اثني عشر رجلا أشرنا إليهم سابقا ترصّدوا النبيّ (ص) عند العقبة ليفتكوا به ويقتلوه أثناء رجوعه من تبوك ، وقد أخبر جبرائيل (ع) رسول الله (ص) بأمرهم ، وكان عمار يقود دابّته التي يركبها وحذيفة يسوقها ، فقال (ص) لحذيفة : اضرب وجوه رواحلهم ، فضربها حتى نحّاهم من طريقه (ص) فلمّا نزل قال لحذيفة : من عرفت من القوم؟ قال : لم أعرف منهم أحدا ، فقال رسول الله (ص) : إنه فلان وفلان حتى عدّهم كلّهم. فقال حذيفة : ألا تبعث إليهم فتقتلهم؟ فقال : أكره أن تقول العرب : لمّا ظفر بأصحابه أقبل يقتلهم. وقد روي ذلك عن الإمام الباقر عليهالسلام وعن ابن كيسان وغيرهما ، وكتب حول هذا الموضوع الشيء الكثير .. وقد حكى سبحانه قصّة حذرهم على سبيل السخرية منهم من جهة وعلى سبيل كشف ما في دخائلهم من جهة ثانية ، فإنهم حين رأوا النبيّ (ص) ينطق عن الوحي دائما خافوا وقالوا لبعضهم : نخشى نزول وحي يتحدث بما فعلناه وبما أضمرناه ، ثم خافوا ـ فعلا ـ من الفضيحة إذا نزل الوحي بما حاولوه ، ف (قُلِ) لهؤلاء يا محمد : (اسْتَهْزِؤُا) أي اسخروا ، وهو أمر منه سبحانه يحمل لهم الوعيد والتهديد (إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ ما تَحْذَرُونَ) أي مظهر ما تخافونه وحيا لرسوله (ص) ليبيّن له نفاقكم وكيدكم.
٦٥ ـ (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ ...) أي إذا استجوبتهم وعاتبتهم عمّا بدر منهم من استهزاء وكيد ، فإنهم ـ بالتأكيد ـ سيقولون لك : (كُنَّا نَخُوضُ) نتبادل الحديث ونخوض فيه خوض الرّكب في الطريق (وَنَلْعَبُ) أي نلهو ولا نتكلّم جدّا. وهو عذر أقبح من الذنب ، ف (قُلْ)