هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللهُ وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ (٦٨))
٦٧ ـ (الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ...) بعد أن حكى سبحانه عن المنافقين وعمّا قالوا وما فعلوا ، ذكر المنافقات وقال : إنهم بعض من بعض في اجتماع الكلمة على النفاق والكيد ، وهذا كقولهم : هذا من ذاك ، وفلان من فلان ، وهذا الكعك من ذلك العجين. وقد قيل : بعضهم على دين بعض ، كما قيل : بعضهم من بعض مقتا من الله لأنهم ، ولأنهن ، كلمة واحدة على النفاق ، ولأنهم جميعا (يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ) أي بالمعاصي والكفر (وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ) عن كل ما هو حسن قد أمر الله تعالى به وحثّ عليه (وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ) أي يمسكونها عن الجهاد وهذه من أجمل الكنايات البديعة عمّن تقاعس عن العمل في سبيل الله ـ وهي تعطي أنهم يقبضون أيديهم عن الإنفاق في الطاعات وفي المغازي والحروب (وَ) قد (نَسُوا اللهَ) أي لم يشغل شيئا من وعيهم بدليل ترك جميع طاعاته (فَنَسِيَهُمْ) الله تعالى : أي تركهم في النّار ومنع رحمته عنهم فكانوا بحكم المنسيّين ، وحاشاه أن ينسى أو يسهو ، ولكنه حين جعلوه كالمنسيّ ولم يتفكّروا بكونه خالقهم ورازقهم ومكلّفهم ، أدخلهم نار جهنم وتخلّى عنهم فصاروا كالمنسيّين ، وهو جلّ وعلا لا يجوز عليه النسيان والسهو ، ولكن ازدواج الكلام اقتضى هذا التعبير اللطيف الذي يطابق تعبيرهم وذهنيّتهم (إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ) أي أن المنافقين والمنافقات ـ لأن اللفظ يشمل الطرفين ـ هم الخارجون على أوامر الله ونواهيه ، والمتمرّدون على حدوده ، والمرتكبون للمعاصي والذنوب لأنهم يظهرون الإيمان ويبطنون الشّرك.
٦٨ ـ (وَعَدَ اللهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْكُفَّارَ نارَ جَهَنَّمَ ...) هؤلاء الذين تظاهروا بالإسلام ومارسوا النفاق ، من الرجال والنساء ، ومعهم الكفار أيضا ، وعدهم الله النار في الآخرة. وقد ذكر الكفار ليبيّن أن الصنفين موعودان بنار جهنّم : الذين أظهروا الإسلام ونافقوا ، والذين بقوا على الكفر ، وسيكونون (خالِدِينَ فِيها) باقين دائما وأبدا ف (هِيَ حَسْبُهُمْ)