(فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ) يستهزئون بصدقاتهم ، فأولئك المنافقون (سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ) يعني جازاهم جزاء سخريتهم (وَلَهُمْ) فيها (عَذابٌ أَلِيمٌ) موجع شد الإيلام. وقد قيل لرسول الله صلىاللهعليهوآله : أيّ الصدقة أفضل؟ قال : جهد المقل. أي قدر ما تحتمله حالة الفقير.
٨٠ ـ (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ ...) يبدو أن صيغة الفعل صيغة أمر ، وهو في الحقيقة مبالغة في الأياس من المغفرة والرحمة ، فالاستغفار لهم وترك الاستغفار لهم سيّان ، كما قال سبحانه في مكان آخر : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) ... (إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) أي : فلن يغفر الله لهم البتة. أما ذكر السبعين مرة فهو للمبالغة لا للعدد الذي يوجب المغفرة ، وهذا مثل قولهم : لو أقنعتني ألف مرة لما قنعت ، أي أنني لن أقنع. على أن النبيّ صلىاللهعليهوآله لا يستغفر للكفّار ، نعم يجوز ـ ضعيفا ـ أن يكون قد خطر له (ص) أن يرجو لهم لطفا إذا كانوا مستحقّين له ، فلمّا بيّن سبحانه أنهم ليسوا أهلا لذلك ترك ، والله أعلم. وهكذا فإن الاستغفار لهم وعدمه سواء (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) فلم يصدّقوا بوجود الله ، ولا بدعوة رسوله (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) مرّ تفسيره سابقا.
* * *
(فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ (٨١) فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (٨٢))
٨١ ـ (فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللهِ ...) المخلّفون :