من أصنامهم وأوثانهم (مِنْ دُونِ اللهِ) يعني غير الله تعالى. ثم كرّر أمره قائلا : (قُلْ لا أَتَّبِعُ أَهْواءَكُمْ) أي لا أقلّدكم في اتّباع هوى نفوسكم الضالة ـ وذلك ليؤكد لهم قطع أطماعهم في المساومة ـ لأني إذا فعلت ذلك أكون (قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً) أي انحرفت عن طريق الحق بإطاعتكم (وَما أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) أي : وكنت من الضالين مثلكم وما أصبت شيئا من الهدى. وفي الآية الكريمة تعريض واضح بما هم عليه من الضلال والكفر.
٥٧ ـ (قُلْ إِنِّي عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي ...) أي على حجة واضحة ودليل قاطع من معرفة ربّي وأنه لا معبود سواه (وَ) أنتم (كَذَّبْتُمْ بِهِ) وأنكرتموه وأشركتم معه غيره ، وأنا (ما عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ) أي ليس بيدي إنزال العذاب الذي تطلبونه وتستعجلون وقوعه ، كقولكم : فأمطر علينا حجارة من السماء أو أتنا بعذاب أليم (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) أي أن القضاء بذلك بيد الله فهو وحده يملك التقديم والتأخير وهو (يَقْضِي بِالْحَقِ) يحكم حكم الحق لأنه العادل في كل ما يقضيه إذ لا يجحف في حكم أبدا (وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ) أي القاضين قضاء حقاّ يفصل في كل قضية بلا نقيصة ولا زيادة.
٥٨ ـ (قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ ...) أي أن ما تطلبون تعجيله من نزول العذاب على المنكرين لو كان بيدي وكنت أملك أمره (لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) أي لحكمت حالا غضبا مني لربّي عزوجل ولفصلت النزاع بيني وبينكم (وَاللهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ) أعرف بهم وبما توجبه الحكمة من إمهالهم أو أخذهم حالا.
* * *
(وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما