شيئا ، ويحمدونه على كل حال في السرّاء والضرّاء ، والسائحون : أي الصائمون إذ روي عنه (ص) قوله : سياحة أمّتي الصيام. وقيل هم المتردّدون في الأرض المتأملون بعجائب صنعه ، أو الذين يضربون في الأرض لطلب العلم ، و (الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ) أي المقيمون للصلاة بأركانها ، و (الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ) الهادون غيرهم إلى طرق الخير وفعل أوامر الله. (وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ) المانعون الناس عمّا نهى الله تعالى عنه وأنكر فعله (وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ) القائمون بطاعته حسبما حدّد من الفرائض والواجبات ، وحدود الله هي أوامره ونواهيه (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) أي : يا محمد انقل هذه البشارة للمصدّقين بالله وبك ، وخاصة لمن جمعوا الصفات التي في الآية ، وأخبرهم بالثواب الجزيل والأجر العظيم.
أما الرفع في مطلع هذه الآية الكريمة وقوله : التائبون إلخ ... فعلى القطع والاستئناف ، أي : هم التائبون إلخ ... وقيل إنه رفع على الابتداء ، وخبره محذوف بعد قوله : (وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ) ، أي : لهم الجنّة ، فبشّر المؤمنين. وقيل أيضا هو رفع على البدل من الضمير في يقاتلون ـ الآية السابقة ـ أي : يقاتل التائبون إلخ ...
وقرأ أبي والأعمش وابن مسعود : التائبين العابدين إلخ ... إمّا جرّا على أن يكون وصفا للمؤمنين ، أي : من المؤمنين التائبين إلخ ... وإمّا نصبا على إضمار فعل المدح أو أعني.
* * *
(ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (١١٣) وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ