شاءَ اللهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْراكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٦) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ (١٧))
١٥ ـ (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ ...) الضمير في (عَلَيْهِمْ) يعود لمشركي قريش لأنهم المعنيّين بهذه الآية الكريمة. فقد نزلت في خمسة منهم هم : عبد الله بن أمية المخزومي ، والوليد بن مغيرة ، ومكرز بن حفص ، وعمرو بن عبد الله بن أبي قيس العامري ، والعاص بن عامر بن هاشم. فقد اجتمعوا وقالوا للنبيّ (ص) : ائت بقرآن ليس فيه ترك عبادة الأصنام أو بدّله. فهؤلاء وأضرابهم إذا قرئت عليهم آياتنا الموحاة إلى رسولنا (ص) (قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا) من أمثال هؤلاء الكافرين بالبعث والحساب : (ائْتِ) جيء (بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا) الذي تتلوه علينا (أَوْ بَدِّلْهُ) فاجعله على خلاف ما هو عليه من عيب الأصنام وترك عبادتها ، ليخلّي بينهم وبين ما هم عليه من الكفر ، ف (قُلْ) يا محمد لهؤلاء المعاندين : (ما يَكُونُ لِي) أي ليس له حقّ (أَنْ أُبَدِّلَهُ) أغيّره (مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي) أي من جهة نفسي ، فإن التلقاء هو جهة المقابلة للشيء. وقد تستعمل (تِلْقاءِ) ظرفا ، فيقال : هو تلقاءك ، أي : قبالتك. فالقرآن الكريم معجز لا أقدر على تبديله والإتيان بمثله (إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ) إن : هنا بمعنى : ما. أي : ما أتّبع إلا الوحي كما ينزل (إِنِّي أَخافُ) أخشى (إِنْ عَصَيْتُ) في اتّباع غيره (عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) عذاب يوم القيامة الذي ليس أعظم منه ، والعياذ بالله منه. ومن استدلّ بهذه الآية على أن نسخ القرآن بالسنّة لا يجوز فقد ابتعد عن دقيق فهم معنى النسخ ، لأن السنّة قول النبيّ (ص) وهو لا ينطق عن الهوى ، إن هو إلّا وحي يوحى ، فما