كانُوا لِيُؤْمِنُوا) أي : وفي معلومنا السابق ما كانوا ليؤمنوا لو أبقيناهم ، لا بالرّسل ولا بحججهم فأهلكناهم. ويؤخذ من هذه الآية الشريفة وجوب إبقاء الكافر وعدم إهلاكه إذا كان المعلوم من حاله أنه يؤمن في المستقبل (كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ) أي ، وبمثل ذلك نعاقب المجرمين بحق أنفسهم وبحق غيرهم فنهلكهم إذا علمنا أنهم لا يصطلحون ولا يؤمنون.
١٤ ـ (ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ ...) الخطاب لأمّة محمد (ص) فقد جعل الله المسلمين يخلفون الأمم التي أهلكها الله بظلمها ، وأسكنهم الأرض من بعدها ، وحذّرهم ، فقال : (لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) أي لنرى عملكم ، وهل أنه يقع مثل عمل الأمم السالفة وتقتدون بهم فتستحقّون العذاب مثلهم؟ وفي كلمة : (لِنَنْظُرَ) معنى دقيق يجب أن لا يفوتنا ، وهو أنه سبحانه يعامل العباد معاملة المختبر الذي كأنّه لا يعلم ما كان وما يكون ، فينتظر حتى يقع الفعل من العبد ، وهذا منتهى العدل لأنه يلقي الحجة على العصاة ويجازيهم على ما يظهر منهم وعلى ما لا يستطيعون إنكاره ، والله جلّ وعلا ينظر بلا عين ولا يجوز عليه النظر بمفهومنا البشري ، وإنما استعمل ذلك على سبيل المجاز.
أمّا لفظة : (كَيْفَ) بمحلّها النصب بقوله : تعملون وتقدير الجملة : لننظر أخيرا تعملون أم شرّا ، ولا يجوز أن يكون مفعول الفعل (لِنَنْظُرَ) لأن ما قبل الاستفهام لا يعمل فيما بعده.
* * *
(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَّ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥) قُلْ لَوْ