لم يعرفوا معانيه ومراميه (وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ) أي لم يجئهم بعد تفسيره وبيان ما فيه من المحكم والمتشابه ، وممّا يؤول إليه أمرهم من العقوبة ، ولو أنهم راجعوا رسول الله (ص) في ذلك كلّه لفهموه ووعوه. وقد روي أن الإمام الصادق عليهالسلام قال : إنّ الله خصّ هذه الأمة بآيتين من كتابه : أن لا يقولوا إلّا ما يعلمون ، وأن لا يردّوا ما لا يعلمون. ثم قرأ : ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلّا الحق .. وقرأ : بل كذّبوا بما لم يحيطوا بعلمه ... (كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) كمثل تكذيبهم كذّبت الأمم السابقة أنبياءها (فَانْظُرْ) تأمل يا محمد (كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ) أي أن من قبلهم هلك بتكذيب الرّسل ، وعاقبة هؤلاء ستكون كذلك بسبب تكذيبك.
٤٠ ـ (وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ ...) أي : أن من هؤلاء المكابرين من يؤمن بهذا القرآن في المستقبل ، ولذلك لا يهلكهم الله في الحال ، وأبقاهم لما يعلم من صلاح إبقائهم ، أو أن منهم من يؤمن به بينه وبين نفسه ويعترف بصحته ولكنه شاكّ متحيّر ، ومنهم من لا يصدّق به ويخالف (وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ) أي بمن يدوم على الفساد ولا يقلع عن العناد ولا يرجع إلى الصواب.
* * *
(وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (٤١))
٤١ ـ (وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ ...) هذا خطاب منه سبحانه لرسوله (ص) يعني : إذا كذّبك قومك وداوموا على معاندتك وعدم تصديق دعوتك فقل لهم : لي عملي وما يجرّ عليّ من نفع أو ضرر ، ولكم عملكم وجزاؤه الذي يترتّب عليه (أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ) لن يصيبكم شيء من نتيجة عملي (وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ) أي وأنا أتبرّأ إلى الله من