الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (٥٢))
٥٠ ـ (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً ...) أي : قل يا محمد للمشركين : هل دريتم أنه إن جاءكم عذاب الله الذي وعد به الكافرين بياتا : ليلا وأنتم تبيتون وتأوون إلى بيوتكم ، (أَوْ نَهاراً) وأنتم مستيقظون منتشرون في أعمالكم (ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ) أي ما هو الشيء المطموع به الذي يطلب العصاة تعجيله لنفعهم؟ ولا يخفى أن هذا الاستفهام يحمل التهويل الشديد ، يعني : لماذا تطلبون تعجيل العاقبة الوخيمة التي تكون نهاية المجرم؟ وفي المجمع أن الإمام الباقر عليهالسلام قال : يريد بذلك عذابا ينزل من السماء على فسقة أهل القبلة في آخر الزمان. نعوذ بالله وحده من ذلك العذاب. ولفظة : بياتا ، منصوبة على الظرفيّة.
٥١ ـ (أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ ...) دخلت ألف الاستفهام على : ثمّ التي هي للعطف ، لتدلّ على أن معنى هذه الآية معطوف على ما قبلها. وهذا الاستفهام إنكار على الكافرين ، ومعناه : أحين وقع عليكم العذاب الموقّت بوقته المعلوم آمنتم : صدّقتم ، به : بالله عزوجل ، أو بالقرآن ، أو بالعذاب؟ ولكن بعد اليأس (آلْآنَ) أفي هذا الوقت الذي لا يفيد فيه الندم ، تؤمنون؟ (وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ) وكنتم قبل وقوعه تطلبون استعجاله. والمعنى أنه سيقع ، وستؤمنون به ، ولا ينفعكم عندها الإيمان. ولفظة : الآن : هي (ألف الاستفهام) دخلت على (الآن) وأدغمت الألفان.
٥٢ ـ (ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ ...) أي بعد وقوع العذاب يوم القيامة يقال لمن ظلموا أنفسهم : ذوقوا العذاب الدائم الذي لا يخفّف ولا تنقضي مدته ، ثم يقال لهم بلسان الحال : (هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ) أي هل نالكم إلّا جزاء ما ارتكبتم من المعاصي؟ فقد دعاكم الرسول (ص) وحاول هدايتكم بشتى الوسائل وتمّت عليكم الحجة