فأبيتم إلّا العناد والإمعان في الكفر فتجرّعوا غصص العذاب حين لا ينفع الندم.
* * *
(وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (٥٣) وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ ما فِي الْأَرْضِ لافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٥٤))
٥٣ ـ (وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ ...) أي يطلبون النبأ منك يا محمد ، ويستخبرونك قائلين : أحقّ هو : ما جئت به من الرسالة والقرآن والشريعة ، أو ما وعدتنا به من البعث والعذاب ، ف (قُلْ) مجيبا إياهم : (إِي وَرَبِّي) : نعم وحقّ الله (إِنَّهُ لَحَقٌ) أي كلّ ما قلته لكم ووعدتكم به حقّ لا شكّ فيه (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ) أي لستم بفائتين له ، بل أنتم في قبضته ولا يعجز عن إدراككم. أما استخبارهم عن ذلك فيحتمل أن يكون على وجه الاستفهام ، أو أن يكون على وجه الاستهزاء ، فأجبهم يا محمد وأقسم لهم على ذلك.
٥٤ ـ (وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ ما فِي الْأَرْضِ ...) أي : لو كانت كلّ نفس أشركت بالله ، تملك جميع ما في الأرض (لَافْتَدَتْ بِهِ) لفدت نفسها به يوم القيامة. و (لَافْتَدَتْ) هي من الافتداء ، أي دفع الفدية لاتّقاء شيء مكروه. فلو ملك الكافرون والمشركون مال الدنيا لبذلوه اتّقاء لهول ما ينزل بهم من العذاب (وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ) أي ندموا أشدّ ندامة وأخفوا ندامتهم وبقيت حسرة تلجلج في صدورهم حين شاهدوا العقاب الذي ينتظرهم (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ) أي حكم بالعدل (وَهُمْ لا