صدّقت (أَنَّهُ لا إِلهَ) لا ربّ (إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ) صدّقت (بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) أي المستسلمين. ولكنه كان إيمان إلجاء لا يستحق ثوابا ولا ينتفع به.
٩١ ـ (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ ...) كلمة : الآن ، تعني الوقت الحاضر الذي يفصل بين الماضي والمستقبل ، وهو إشارة إلى الحاضر ، ولذا بني كما بني : ذا. وهنا قد دخلت عليه ألف الاستفهام التي أدغمت مع ألفه فأصبح : الآن. والمعنى. أفي هذا الوقت يا فرعون تؤمن؟ الآن آمنت ، وأعلنت إسلامك (وَقَدْ عَصَيْتَ) بترك الإيمان في الوقت الذي كان ينفعك فيه أن تؤمن؟ فلم لم تؤمن (قَبْلُ) هذا الخوف من الهلاك على الكفر؟ (وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) بما نشرت من الفساد بقتل الناس وتذبيح الأطفال وادّعاء الربوبية؟ وفي هذا تقريع شديد وتوبيخ قيل هو من جانب القدرة الإلهية ، وقيل هو من قول جبرائيل عليهالسلام. وفي المرويّ عن الصادق عليهالسلام قوله : ما أتى جبرائيل رسول الله صلىاللهعليهوآله إلّا كئيبا حزينا ، ولم يزل كذلك منذ أهلك الله فرعون. فلمّا أمر الله سبحانه بنزول هذه الآية نزل وهو ضاحك مستبشر فقال له : حبيبي جبرائيل ، ما أتيتني إلّا وبيّنت الحزن في وجهك حتى الساعة؟ قال : نعم يا محمّد ، لمّا غرق والله فرعون قال : آمنت أنه لا إله إلّا الذي آمنت به بنوا إسرائيل ، فأخذت حمأة فوضعتها في فيه ثم قلت : الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين؟ ثم خفت أن تلحقه الرحمة من عند الله فيعذّبني على ما فعلت. فلمّا كان الآن وأمرني أن أؤدّي إليك ما قلته أنا لفرعون ، آمنت وعلمت أن ذلك كان لله رضا.
٩٢ ـ (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ ...) أي : في هذا الوقت نخلّصك من قعر البحر ونخرج جسدك فنلقيه على نجوة من الأرض : أي تلّة مرتفعة عمّا حولها ليراك الناس ، فقد قيل إن بعض بني إسرائيل قالوا : إن فرعون أعظم شأنا من أن يغرق مثل سائر قومه ، فطفا على وجه الماء عريانا ولفظه الماء على تلك النجوة ليكون آية للناس. فنجاته كانت تخليصه من البحر