وقيل إن الأمة المعدودة هم أصحاب المهديّ عجّل الله تعالى فرجه وجعل أرواحنا فداه ، يأتون في آخر الزمان ، ثلاثمئة وثلاثة عشر رجلا ، على عدّة أهل بدر يجتمعون في ساعة واحدة كما يجتمع قزع الخريف كما هو المرويّ عن الإمامين الصادقين عليهماالسلام ـ فإذا أخّرنا عذاب الكفار إلى ذلك الوقت (لَيَقُولُنَ) أي من المؤكّد قولهم على وجه الاستهزاء : (ما يَحْبِسُهُ) أي ما يمنع ذلك العذاب عنّا إن كان حقّا؟ ولماذا كان تأخيره؟ فنحن نعلن لهم قائلين : (أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ) إنه حين يجيئهم ويحلّ بهم (لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ) يكون من غير الممكن تحويله عنهم إذ لا أحد يقدر على صرفه في زمانه ومكانه (وَحاقَ) نزل بهم محيطا من جميع الجهات (ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) أي العذاب الذي كانوا يسخرون منه.
* * *
(وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ (٩) وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (١٠) إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (١١))
٩ ـ (وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً ...) أي : إذا رحمنا الإنسان وأنزلنا عليه النّعم من مال وولد (ثُمَّ نَزَعْناها) أي أخذنا وسلبنا تلك الرحمة (مِنْهُ) حين نرى المصلحة في ذلك (إِنَّهُ) أي الإنسان (لَيَؤُسٌ) مستسلم لليأس والقنوط الأكيد (كَفُورٌ) شديد الكفر لأن من عادته الكفر بنعمة ربّه. وهذا شأن جهلة الكفّار الّذين حرموا من معرفة أبواب حكمة الله في العطاء والأخذ بحسب المصالح ، نعوذ بالله من ذلك.