٣٠ ـ (وَيا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللهِ ...) أي من يساعدني ويجيرني من عذاب الله (إِنْ طَرَدْتُهُمْ) أبعدتهم عني ونفيتهم وهم مؤمنون؟ فسيكونون خصمائي يوم القيامة (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) أي : أفلا تعقلون وينفعكم التذكّر والتدبّر؟
٣١ ـ (وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ ...) أي لا أرفض أجر الدعوة إلى الله منكم كبرياء ولا ترفّعا ولا إعطاء لنفسي فوق قدرها كأنني أملك خزائن الله التي لا تنفد (وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ) لا أعرفه ولا أدّعيه ولا أعلم ما تسرّون في أنفسكم ولا كيف تكون مصائركم (وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ) أي أنني لست من غير البشر لأخبركم بما ينزل من السماء من عند نفسي ، بل أنا بشر مثلكم اختصّني ربّي جلّ وعلا بالرسالة من بينكم (وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ) أي لا أقول لمن تحتقرونهم من المؤمنين وتستخفّون ظهورهم مظهر الفقراء : (لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللهُ خَيْراً) أي لن يعطيهم في مستقبل حياتهم ـ إن في الدّنيا أو الآخرة ـ خيرا وثوابا على ما يعملون من طاعات وخيرات ، بل لقد وفّقهم للإيمان والعمل الصالح في دار الدنيا ، وسيعطيهم ثوابا جزيلا في الآخرة ، و (اللهُ أَعْلَمُ بِما فِي أَنْفُسِهِمْ) لأنه مطّلع على ما في القلوب من الإيمان أو الكفر ـ وإن أنا أطعتكم وطردتهم (إِنِّي إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ) لهم ، لأنني لا أحكم على الباطن ولي الظاهر من إيمانهم المصدّق بالعمل وإنجاز التكليف ، ولن أضع نفسي في صنف الظالمين.
* * *
(قالُوا يا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٣٢) قالَ إِنَّما يَأْتِيكُمْ بِهِ اللهُ إِنْ شاءَ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (٣٣) وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٣٤))