واحتمل زيادة سبعة حروف (أصله ومزيداته وضمائره) وجاء محكم السبك ، جميل الجرس ، قوي البناء ، عميق المعنى ، يعطي صفة الاستعلاء على لسان نبيّ كريم يخاطب المعاندين الضالين.
* * *
(وَيا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالاً إِنْ أَجرِيَ إِلاَّ عَلَى اللهِ وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ (٢٩) وَيا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٣٠) وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللهُ خَيْراً اللهُ أَعْلَمُ بِما فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ (٣١))
٢٩ ـ (وَيا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالاً ...) قال نوح عليهالسلام لقومه : إنني لا أطلب منكم مالا كأجر على دعوتي لكم إلى ما فيه الصالح لكم في الدارين فلا تخشوا ذلك ولا تخافوا (إِنْ أَجرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ) ليس ثوابي في تحمّل أعباء الدعوة إلّا على الله وحده (وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا) لست بمبعدهم عني ولا بمفرّقهم من حولي ، إذ قيل إنهم طلبوا طرد الفقراء الذين آمنوا به أنفة من الكون معهم وإذا طردهم آمن الرؤساء ، فقال لهم ذلك وزاد : (إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ) أي سيقفون بين يديه يوم الحساب ويشكون إليه من طردهم وظلمهم إذ لا يستحقون الطرد بعد أن صدّقوه وآمنوا به (وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ) أي لا تعرفون الحق ، فإن الناس يتفاضلون بالدّين لا بزخرف الدنيا ، ولو كنتم تعلمون لكرّمتموهم لأنهم سبقوكم بالايمان وكان لهم فضل ذلك ، أو أنهم يجهلون في الذي سألوه من طرد من كانوا حوله.