بك ، واصنعها (بِأَعْيُنِنا) بمرأى منّا وبحفظ لك كما يحفظ الرائي من يحافظ عليه (وَوَحْيِنا) أي بحسب ما أوحينا إليك من صفتها وطولها وعرضها وسعتها وما تحتاج إليه من تجهيز (وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا) أي لا تسألني العفو عن الكافرين الظالمين لأنفسهم وغيرهم من قومك ولا تتشفّع بأحد منهم (إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ) أي سيغمرهم ماء الطوفان ويحلّ بهم العذاب. وقيل إنه سبحانه عنى بذلك امرأته وابنه الباقيين على الكفر ، وهو غاية في الوعيد والتهديد الداعيين لليأس والعياذ بالله منه.
* * *
(وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ (٣٨) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ (٣٩))
٣٨ ـ (وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ ...) أي وشرع نوح (ع) بصناعة السفينة وأخذ بعملها كما أمر الله تعالى (وَ) كان (كُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ) أي كلما اجتاز به جماعة من رؤساء قومه وأشرافهم وهو منهمك في تسويتها (سَخِرُوا مِنْهُ) استهزءوا به فقد روي أنهم قالوا له : يا نوح صرت نجّارا بعد النبوّة؟ وقيل زادت سخريتهم منه لصنعه سفينة في البر وحيث لا يوجد ماء ، بشكل عجيب من الطول والعرض يلفت النظر لثقلها وعجز الماء عن حملها في حال وجوده ف (قالَ) نوح للساخرين منه : (إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ) أي أننا نستهزئ بكم كما استهزأتم بنا وننظر إليكم نظرنا إلى الجاهلين وسيظهر استهزاؤنا بكم عند الغرق والهلاك وتتمّ شماتتنا .. أما السفينة التي أمره الله تعالى بصنعها فكان طولها ألف ومائتا ذراع ، وعرضها ستمائة ذراع وقيل بل طولها ثلاثمئة ذراع وعرضها خمسون