ذراعا وارتفاعها ثلاثون. وقال ابن عباس : كانت ثلاث طبقات : طبقة للناس ، وطبقة للدوابّ والهوام ، وطبقة سفلى للسباع والوحوش. وركب هو ومن معه في طبقتها العليا مع ما يحتاجون إليه من الزاد ، وكان خشبها من الساج. وروت عائشة عن النبيّ (ص) أنه قال : مكث نوح (ع) في قومه ألف سنة إلّا خمسين عاما يدعوهم إلى الله ، حتى إذا كان آخر زمانهم غرس شجرة فعظمت وذهبت كلّ مذهب. فقطعها وجعل يعمل على سفينته وقومه يمرّون به فيسألونه فيقول : أعمل سفينة فيسخرون منه ويقولون : تعمل سفينة على البر ، فكيف تجري؟ فيقول : سوف تعلمون. فلمّا فرغ منها وفار النّور وكثر الماء في السّكك خشيت أمّ صبيّ عليه ، وكانت تحبّه حبّا شديدا ، فخرجت إلى الجبل حتى بلغت ثلثه فلما بلغها الماء خرجت به حتى استوت على الجبل ، فلما بلغ الماء رقبتها رفعته بيديها حتى ذهب بها الماء. فلو رحم الله منهم أحدا لرحم أمّ الصبيّ. ولكنّ أبا بصير روى عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : لمّا أراد الله إهلاك قوم نوح عقم أرحام النساء أربعين سنة فلم يلد لهم مولود. ولما فرغ نوح من اتّخاذ السفينة أمره الله تعالى أن ينادي بالسريانية أن يجمع إليه جميع الحيوانات ، فلم يبق حيوان إلّا وقد حضر ، فأدخل من كل جنس من أجناس الحيوان زوجين ما عدا الفأر والسنّور. وإنهم لمّا شكوا إليه سرقين الدواب والقذر دعا بالخنزير فمسح جبينه فعطس فسقط من أنفه زوج سنّور. وكان الذين آمنوا به من جميع الدّنيا ثمانين رجلا. وفي حديث آخر أنهم شكوا إليه العذرة فأمر الله الفيل فعطس فسقط الخنزير.
٣٩ ـ (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ ...) أي ستعرفون أيها الساخرون المكابرون من منّا يحلّ به العذاب الذي يفضحه ويهينه في الدّنيا ويحمّله العار بين الناس (وَيَحِلُّ عَلَيْهِ) ينزل به (عَذابٌ مُقِيمٌ) دائم لا يحول ولا يزول يوم القيامة.
* * *