العرب فقد قالت الخنساء :
ترتع ما رتعت حتّى إذا ادّكرت |
|
فإنّما هي إقبال وإدبار |
أي ذات إقبال وذات إدبار (فَلا تَسْئَلْنِ) لا تطلب منّي معرفة (ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) ما لا تعرفه وإن كنت قد سألتني نجاة ابنك بظنّ إيمانه (إِنِّي أَعِظُكَ) أدعوك بالحسنى (أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ) أي أعظك لئلّا تكون منهم ، فإن وعظه سبحانه ينزّه عن كل قبيح.
٤٧ ـ (قالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ...) أي قال نوح أستجير وأعتصم بك يا ربّ من أن أسألك (ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ) ما لم أعرفه. وجوابه عليهالسلام يدل على منتهى الخشوع والذلة لله تعالى لأنه نبيّ يتخشّع بين يدي ربّه عزوجل (وَإِلَّا) أي : وإن لم (تَغْفِرْ لِي) تتجاوز عمّا صدر عنّي (وَتَرْحَمْنِي) ويشملني لطفك ورحمتك (أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ) يكون نصيبي الخسران. وهذا يكمل صورة تذلّله عليهالسلام في خطابه لربه جلّ وعلا.
٤٨ ـ (قِيلَ يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا ...) هذا من تمام كلامه سبحانه عن إرساء السفينة بعد هدوء الطوفان ، حيث أمر نوح أن اهبط : انزل من السفينة (بِسَلامٍ) سالما ناجيا ، وقيل بتحيّة من الله تعالى (وَبَرَكاتٍ) ونعم كثيرات ناميات نرسلها (عَلَيْكَ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ) الأمم : جمع أمة وهي الجماعة ، أي عليك وعلى جماعة المؤمنين الذين معك في السفينة ، وقيل عليهم وعلى ذرّيتهم (وَأُمَمٌ) يكونون من نسلهم فيما يأتي (سَنُمَتِّعُهُمْ) سننعم عليهم بما يرتعون به في الدنيا ويكفرون فنهلكهم (ثُمَّ يَمَسُّهُمْ) يصيبهم (مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ) موجع غاية الوجع. وقد ارتفع لفظ (أُمَمٍ) لأنه كلام استأنف سبحانه الإخبار به عنهم.
* * *