ويلتي التي لحقت بها ياء المتكلم. فقد تعجّبت سارة على كل حال كيف تحمل وتلد وهي شيخة وزوجها شيخ وقد طعنا في السنّ؟ ولا يتنافى تعجّبها مع عدم شكّها بقدرة الله تعالى على ذلك لأنه من خوارق العادات ، فكيف ألد وأنا عجوز (وَهذا بَعْلِي شَيْخاً) وهذا زوجي كما ترونه شيخ متقدّم في عمره. ولفظة (شَيْخاً) منصوبة على الحال ، وقال الزجّاج : إن نصبها من لطيف النحو فإنك تقول للذي يعرف زيدا : هذا زيد قائما ، فيعمل في الحال التنبيه ، والمعنى : انتبه لزيد في حال قيامه. وأتمّت سارة : (إِنَّ هذا) الذي بشرتموني به (لَشَيْءٌ عَجِيبٌ) غريب في موضعه غير مألوف عادة.
٧٣ ـ (قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ ...) أي قال الملائكة لسارة حين رأوا استهجانها : أتستغربين أمر الله تعالى أن تلد العجوز بعد كبرها وكبر زوجها؟ ليس هذا موضع تعجّب (رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ) أي لطفه وكثير خيراته النامية الباقية (عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ) أي : يا أهل بيت النبوّة. ويحتمل أن تكون الجملة إخبارا لها بنعم الله تعالى عليهم فلا عجب من هذه الخارقة للعادة ، ويحتمل أن تكون دعاء لهم والأول أقوى لأنه مثل قول العرب : أتتعجّب ممّا أقول لك ، بارك الله فيك ورحمك؟ (إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) الضمير في (إِنَّهُ) راجع لله تعالى ، فهو المحمود على جميع فعاله ، الكريم المعطي قبل الاستحقاق الجامع للمجد والعظمة. وروى السدّي أن سارة قالت لجبرائيل (ع) : ما آية ذلك؟ فأخذ بيده عودا يابسا فلواه بين أصابعه فاهتزّ أخضر.
* * *
(فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ (٧٤) إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ (٧٥) يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ (٧٦))