منجّما لنمرود ، ثم ساق الحديث إلى أن قال عليهالسلام : ووقع آزر بأهله فعلقت بإبراهيم. وفي العياشي عن الصادق عليهالسلام أيضا أنه سئل عن قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ) ، فقال (ع) : كان اسم أبيه آزر. فهاتان الروايتان صريحتان في ما هو ظاهر الآية الشريفة. فالجواب على ما هو مجمع عليه عند الشيعة وبعض أعلام السنّة هو ما ذكرناه. ثم إنه لا منافاة بين كون اسمه (ع) تارح ، ولقبه آزر. وهو لقب مدح لا ذمّ كما قيل ، ولكنه أطلق عليه كالاسم تسامحا لأن كليهما يشيران إلى مسمّى واحد.
أجل ، لقد قال إبراهيم عليهالسلام لأبيه : (أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً) يعني أتجعل الأصنام أربابا من دون الله؟ (إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) أي ضلالة واضحة. ولا يخفى أن قوم إبراهيم عليهالسلام كانوا يعبدون النجوم ، ولذا ردّ إبراهيم (ع) عليهم بغروبها وأفولها ، ثم استهزأ بعبادتهم لها وللأصنام إذ ليس لها ولا للأصنام عقل ولا إدراك بل هي جماد محض لا تملك من أمرها شيئا. وللجمع بين ما قلناه من عبادتهم للنجوم والأصنام في آن واحد نقول لرفع الإشكال : إن علم النجوم في عصرهم كان علما راقيا رائجا ، ولذا كان جماعة منهم يعبدون الشمس والقمر وبعض الكواكب لأنهم كانوا يعتقدونها خالقة للعالم وموجدة للكائنات ، في حين كان جماعة من علمائهم ـ وآخرون معهم ـ يعبدون الأصنام والأوثان ، ومن أجل ذلك شرع إبراهيم عليهالسلام بذكر الأصنام أولا فقال : أتّتخذ أصناما آلهة؟ والاستفهام هنا إنكاريّ ، أي لا تتّخذوها كذلك لأن عبادة غيره سبحانه وتعالى ضلالة ، وعبادة الجمادات لغو محض وغير عقلائية.
٧٥ ـ (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ ...) أي وبهذه الطريقة من التبصير والتفهيم ، نبصّر إبراهيم (ع) ـ وهذه حكاية حال ماضية ـ نريه (مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) يعني حقائقهما وما هما عليه في الواقع ، وهو تعالى أعلم بهما. والحاصل أننا كما بصّرنا إبراهيم ودللناه على كيفيّة غلبة