تَطْغَوْا إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١٢))
١٠٩ ـ (فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هؤُلاءِ ...) المرية هي الشكّ مع ظهور الدلالة. أي فلا تشكّ بعد ظهور الدلالات على بطلان ما يعبد هؤلاء المشركون من دون الله ، وعلى أن مصيرهم إلى النار بسبب عكوفهم على الأصنام ، فإنهم (ما يَعْبُدُونَ إِلَّا كَما يَعْبُدُ آباؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ) أي على جهة تقليد آبائهم (وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ) لمعطوهم الجزاء والعقاب على أعمالهم ومؤدّون إليهم (نَصِيبَهُمْ) أي حظّهم (غَيْرَ مَنْقُوصٍ) بمقدار ما يستحقون ولا ننقصه أبدا.
١١٠ ـ (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ ...) أي أنه سبحانه أعطى موسى عليهالسلام كتاب التوراة (فَاخْتُلِفَ فِيهِ) أي أختلف قومه في صحة نزوله عليه ، فتسلّ أنت يا محمد عن تكذيب قومك للوحي والقرآن ، ولا تغتمّ (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ) وهي تأخير الجزاء على المعاصي للآخرة لعلمه بالمصلحة (لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) فصل الأمر بنجاة المؤمنين وهلاك الكافرين (وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ) أي أن الكافرين في شك شديد من صدق وعد الله تعالى بالبعث ، والريب أقوى من الشك.
١١١ ـ (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ ...) أي : وإن كلّا من الفريقين : المصدّقين ، والمكذّبين ، ليعطينّهم ربّك جزاء أعمالهم وافيا دون نقص (إِنَّهُ بِما يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) أي عالم بأعمالهم لا تخفى عليه خافية. أما (لَمَّا) المشدّدة فهي ها هنا بمنزلة (إلا) أي : وما منهم أحد مؤمن أو مكذّب إلّا توفّيه عمله. وهي كقولك : سألتك لمّا فعلت كذا.
١١٢ ـ (فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ ...) أي داوم يا محمد على تبشيرك وإنذارك وامض لما أمرت به أنت ومن عاد عن الشرك وآمن وصار معك (وَلا تَطْغَوْا) يعني لا تتجاوزوا ما أمر الله لا في زيادة ولا في نقصان لتبقوا في جادّة الاستقامة ، ولا تبطرنّكم النعمة ولا تعصوا الله ولا تخالفوا