الفجر والمغرب ، وزلفا من الليل : جمع زلفة وهي هنا الأوقات المتقاربة ، في أول ساعات الليل كصلاة العشاء الآخرة ، ولم يذكر صلاتي الظّهر والعصر لظهور أمرهما فكأنه قال : أقم الصلاة في تلك الأوقات مع صلاة النهار المعروفة ، أو أنهما أضيفا للطرف الأخير لكونهما بعد الزوال ، وقد قال سبحانه في غير هذا الموضع : أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل ، ودلوك الشمس هو زوالها كما هو المرويّ عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) قيل إن الصلوات الخمس تكفّر ما بينها من الذنوب ، ففي الواحدي عن أبي عثمان قال : كنت مع سلمان تحت شجرة فأخذ غصنا يابسا فهزّه حتى تحاتّ ورقه ـ أي تساقط ـ ثم قال : يا أبا عثمان ، ألا تسألني لم أفعل هذا؟ قلت : ولم تفعله؟ قال : هكذا فعله رسول الله صلىاللهعليهوآله وأنا معه تحت شجرة فأخذ منها غصنا يابسا فهزّه حتى تحاتّ ورقه ثم قال : ألا تسألني يا سلمان لم أفعل هذا؟ قلت : ولم فعلته؟ قال : إن المسلم إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم صلّى الصلوات الخمس تحاتّت خطاياه كما يتحاتّ هذا الورق ، ثم قرأ هذه الآية إلى آخرها. وعن أبي حمزة الثمالي عن أمير المؤمنين عليهالسلام في حديث طويل عن أرجى آية في القرآن ، قال : سمعت حبيبي رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : أرجى آية في كتاب الله : وأقم الصّلاة طرفي النهار ، وقرأ الآية كلّها ، قال : يا عليّ والذي بعثني بالحق بشيرا ونذيرا إن أحدكم ليقوم من وضوئه فتساقط عن جوارحه الذنوب ، فإذا استقبل الله بوجهه وقلبه لم ينفتل وعليه من ذنوبه شيء كما ولدته أمه. فإن أصاب شيئا بين الصلاتين كان له مثل ذلك حتى عدّ الصلوات الخمس ، ثم قال : يا علي إنما منزلة الصلوات الخمس لأمتي كنهر جار على باب أحدكم ، فما يظن أحدكم لو كان في جسده درن ثم اغتسل في ذلك النهر خمس مرّات أكان يبقى في جسده درن؟ فكذلك والله الصلوات الخمس لأمّتي.
وقيل في المعنى أيضا : إن الدوام على فعل الحسنات يدعو إلى ترك السيئات فكأنه يذهب بها. (ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ) أي ما بيّنه من إذهاب