الحسنات للسيئات هو عبرة وموعظة لمن تذكّر فيه وتفكّر.
١١٥ ـ (وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ...) : أي اصبر على القيام بالصّلاة وجميع الواجبات وعلى أذى قومك وكل ما تلاقيه من مشقات في طريق القيام بدعوتك التي تحث الناس على الخير وتدعوهم إلى ترك القبائح ، وإن ربّك يحفظ لك أجرك وثوابك لأنه ـ كذلك ـ يحفظ أجر وثواب كل عمل يقوم به المحسنون وعاملو الخير ، وهو لا يهمل مكافأة أي محسن.
* * *
(فَلَوْ لا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ وَكانُوا مُجْرِمِينَ (١١٦) وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ (١١٧))
١١٦ ـ (فَلَوْ لا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ ...) أي : هلّا كان من الأقوام الذين سبقوكم جماعة باقون على الاستقامة (يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ) ومفهوم هذه الصيغة هو النفي ، ومعناها : كان يجب أن يكون قوم هذه صفتهم بعد أن أنعم الله تعالى عليهم بالعقل وهداهم بالرّسل وأقام عليهم الحجج. ولا يخفى أن في ذلك توبيخا لمن سلك طريق الأولين من بثّ الفساد الذي كان عليه قوم عاد وثمود وفرعون وغيرهم ، وتعجبا من حال من يكون كذلك مع معرفته بهلاكهم. فكيف لم تكن من جملتهم بقية من جماعة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، وكيف اجتمعوا على الكفر حتى أهلكهم الله بالاستئصال (إِلَّا قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ) أي : سوى عدد قليل منهم نهوا عن الفساد ، كالأنبياء والصالحين من أتباعهم الذين جنّبناهم العذاب وخلّصناهم منه بقدرتنا. وهذا الاستثناء منقطع لأنه إيجاب لم يتقدم