حقيق بالخوف ، بل هو أحق به من كل مخيف ينبغي الخوف منه ، فكيف بأربابكم التي لا مجال للخوف منها لأنها جمادات لا تستطيع شيئا ، وهي (ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ) الله عزوجل (عَلَيْكُمْ سُلْطاناً) ولا برهانا يجيز إشراككم به سبحانه عن حجة قاطعة. فلم تنكرون عليّ ولا تنكرون على أنفسكم؟ وأين ربّ الأرباب عن الأصنام والأنصاب؟ (فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ) أنا أو أنتم (أَحَقُّ بِالْأَمْنِ) من خوف عاقبة الأمر (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أي تعقلون وتفهمون مصائر الأمور؟.
٨٢ ـ (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ ...) أي : ولم يمزجوا ولم يضمّوا ظلما إلى إيمانهم ينال أنفسهم أو غيرهم ، ف ـ (أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ) أي الأمان والسلامة في يوم الخوف الأكبر ـ يوم القيامة ـ (وَهُمْ مُهْتَدُونَ) إلى الحق الذي يجلب لهم الخير في الدنيا والأمن في الآخرة. وقد روي أنه لمّا نزلت هذه الآية الكريمة شقّ على الناس وقالوا : أيّنا لم يظلم نفسه؟ فقال صلىاللهعليهوآله : ليس ما تعنون. إنما هو ما قال لقمان : إنّ الشّرك لظلم عظيم. ليس الإيمان أن يصدّق الله ويشرك به غيره.
فالمؤمنون الذين لم يظلموا أنفسهم ولا غيرهم (أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) المأمونون من العذاب والمهتدون إلى ما فيه مرضاة الله وإلى سبل الفلاح والنجاة. وعن الصادق عليهالسلام أنه سئل عن الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم : الزّنى منه؟ قال : لا ، أعوذ بالله. أي أنه أجاب على السؤال واستعاذ بالله من أولئك الذين يزنون. ولفظة : لا ، هي للنفي. والزاني ذنب إذا تاب العبد عنه تاب الله عليه.
* * *
(وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (٨٣)