أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا ما رَزَقَهُمُ اللهُ افْتِراءً عَلَى اللهِ قَدْ ضَلُّوا وَما كانُوا مُهْتَدِينَ (١٤٠))
١٣٥ ـ (قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ ...) يعني : قل يا محمد لهؤلاء المشركين ولسائر الكفّار : اعملوا غاية استطاعتكم وبحسب تمكّنكم وبأية كيفية كانت (إِنِّي عامِلٌ) أنا وصانع أيضا على مكانتي واقتداري وبحسب طريقتي بحيث أبقى ثابتا على ديني الذي هو الإسلام. وهذا تهديد تعجيزيّ لهم ، أي افعلوا الآن في الدنيا ما شئتم وكما ترغبون ، وأنا أفعل كما أمرت (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) ستعرفون بعد حين (مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ) أي من هو الذي يفوز بالدار الحسنى في يوم القيامة ، ومن تكون له الجنّة التي أعدّها الله دارا للمطيعين. وكلمة : من موصولية ، وهي مفعول لتعلمون ، وإذا اعتبرت استفهامية يكون معناها : ستعلمون أيّنا تكون له عاقبة الدار. ولا يخفى أن التهديد جاء بصيغة الأمر مبالغة في الوعيد ، وتسجيلا على المأمور بأنه لا يأتي منه إلّا الشّر. وهذا كقوله : (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) حيث وضع الظالمين موضع الكافرين لأن اللفظة أعم وأكثر فائدة.
١٣٦ ـ (وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً ...) يعني أن المشركين ، بعقيدتهم الفاسدة ، جعلوا لله سبحانه وتعالى نصيبا : أي قسمة وسهما ممّا ذرأ : أي مما خلق وبثّ في الدّنيا من الحرث : المزروعات ، والأنعام : الحيوانات الأربعة : البقر والمعز والغنم والإبل (فَقالُوا : هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا) أي هذا لله وهذا لأصنامهم وآلهتهم التي يعبدونها (فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللهِ) أي أن سهم آلهتهم لا يصرف في جهة يقصد بها وجه الله (وَما كانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلى شُرَكائِهِمْ) يعني العكس وأنّ سهم الله يمكن أن يبذل في جهة معبوداتهم (ساءَ ما يَحْكُمُونَ) أي ساء حكمهم ، وبئس ما قضوا به. فقد روي أنهم كانوا يعيّنون شيئا من حرثهم ونتاج أنعامهم لله ، ثم يصرفونه إلى