أي لا يأكلها (إِلَّا مَنْ نَشاءُ) إلّا من أرادوا (بِزَعْمِهِمْ) أي برأيهم الذي لا يرتكز على يقين نابع عن حقيقة مكرّسة. وفي القمي : كانوا يحرّمونها على قوم خاصة (وَأَنْعامٌ) أخرى غير ما ذكر (حُرِّمَتْ ظُهُورُها) أي منع ركوبها ، وهي البحيرة والسائبة والوصيلة والحام. والبحيرة هي ما أنتجت خمس أبطن ، فإن كان الخامس ذكرا شقّوا أذنه ولحمه للرجال والنساء ، وإن كان هذا الخامس أنثى شقّوا أذنه وكان لحمه حراما على النساء ، وإذا مات في بطن أمّه كان حلالا مطلقا على النساء. وهذه الأمور جعلوها من عند أنفسهم. وكذلك السائبة والوصيلة والحام التي سنعرض لشرحها في موردها إن شاء الله. فهذه الأربعة حرّمت ظهورها فلا يركبونها في الأسفار حتى ولو كان للحج أو التّلبية (وَأَنْعامٌ) أخرى أيضا (لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا) عند النّحر أو الذّبح (افْتِراءً عَلَيْهِ) أي تعدّيا على الله سبحانه وتعالى لأنهم نسبوا تلك التدابير إليه كذبا عليه ، ولذلك (سَيَجْزِيهِمْ) سيعاقبهم ويعذّبهم (بِما كانُوا يَفْتَرُونَ) بسبب كذبهم عليه.
١٣٩ ـ (وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا ...) أي أنهم قالوا إن الجنين إذا كان حيّا في بطن أمه ثم خرج حيّا ـ كما قلنا آنفا ـ فهو خاصّ بالذكور ، وإن خرج ميّتا فللذكور والإناث على حدّ سواء في حلّية الأكل إلخ ... وقد جاءت لفظة : خالصة بصيغة التأنيث مع أن المراد به وصف لفظة : ما ، وهو ظاهرا غير مؤنّث فعلّلوا ذلك بما يلي : أولا : اعتبروا لفظة : ما ، دالّة على الأجنّة التي في بطون أمهاتها. وثانيا : أن لفظة : خالصة ، ليست تأوها للتأنيث بل هي للمبالغة كما في : رواية الشّعر. وثالثا : أنها مصدر ، كالعافية ... والحاصل أنهم جعلوا ذلك حلالا للذكور (وَ) قالوا : هو (مُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا) أي ممنوع على النساء (وَإِنْ يَكُنْ) الجنين (مَيْتَةً) في بطن أمّه (فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ) للذكور والإناث (سَيَجْزِيهِمْ) الله ويعاقبهم جزاء (وَصْفَهُمْ) هذا الذي اختلقوه ورتّبوه على هذا الشكل (إِنَّهُ) سبحانه (حَكِيمٌ) في فعله الذي