(وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا) (١) والآيتان في مقام المدح والتعظيم ، ولا وجه معه لذكر الخاصّ بعد العامّ ، وقوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍ) (٢) فجعل النبيّ مرسلا مثل الرسول ، ولا يظهر من كلامه تعالى ما يعطي حقيقة هذين اللفظين حتّى يحكم بما يستفاد منها فيهما.
والذي يستفاد ممّا تشتمل عليه الروايات من الفرق : هو أنّ الرسالة بما هي رسالة بوحي الملك ، وأنّ للنبيّ بما هو نبيّ منزلة ليست للرسول ، وهو التلقّي من الله من غير وساطة الملك.
فعن الكافي عن الباقر ـ عليهالسلام ـ في قوله : (وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا) (٣) قال : «النبيّ : الذي يرى في منامه ويسمع الصوت ولا يعاين الملك ، والرسول : الذي يسمع الصوت ولا يرى في المنام ويعاين ...» (٤) الحديث. وكأنّه مستفاد من نحو قوله : (فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ) (٥) وتمام الكلام في سورة الشعراء.
وكيف كان ، فالقرآن صريح في أنّ الأنبياء كثيرون وأنّه تعالى لم يقصص الجميع في كتابه ، قال تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ) (٦) والذين قصّهم بالاسم من الأنبياء سبعة وعشرون نبيّا ، وهم : آدم ونوح وادريس وهود وصالح وإبراهيم ولوط وإسماعيل واليسع وذو الكفل وإلياس وعزير وأيّوب ويونس وإسحاق ويعقوب ويوسف وشعيب
__________________
(١). مريم (١٩) : ٥١.
(٢). الحجّ (٢٢) : ٥٢.
(٣). مريم (١٩) : ٥١ و ٥٤.
(٤). الكافي ١ : ١٧٦ ، الحديث : ١.
(٥). الشعراء (٢٦) : ١٣.
(٦). غافر (٤٠) : ٧٨.