وَأَخَواتُكُمْ) ، إلى أن إنتهى إلى قوله : (وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ) (١) ، يا أبا الجارود! هل كان يحلّ لرسول الله نكاح حليلتهما؟ فإن قالوا : نعم ، كذبوا وفجروا ، وإن قالوا : لا ، فإنهما إبناه لصلبه» (٢).
أقول : وروى مثله القمّي في تفسيره إلّا أنّ فيه : فجعل عيسى من ذرية إبراهيم (٣) ، والأخبار في هذا المعنى كثيرة (٤).
قوله : (ذلِكَ هُدَى اللهِ)
فهو كمال الهداية ومحضها لا يشوبها ولا يقارنها ضلال حتى تتخلف يوما أو يختلف كما يشعر به قوله : (فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ) ، ومع ذلك فأمر الهداية ليس بإجباري حتى يسقط اختيار هؤلاء المهديين ، ولا لهم كرامة جزافية عليه سبحانه وإن فعلوا ما فعلوا ، بل الأمر يدور مدار التوحيد والعبودية كلّ يدل عليه ، ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون ، ولقد أشبعنا القول في معنى هذه الهداية ، وهي الإهتداء بهداية الله سبحانه في ذيل قوله : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ) (٥) ، من سورة البقرة.
قوله سبحانه : (فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ) ليس الكلام مسوقا لبيان الإستثناء كقول القائل : إن لم تعنّي فقد أعانني فلان ،
__________________
(١). النساء (٤) : ٢٣.
(٢). الكافي ٨ : ٣١٧ ـ ٣١٨ ، الحديث : ٥٠١.
(٣). تفسير القمي ١ : ٢٠٩.
(٤). البرهان في تفسير القرآن ٣ : ٥٩٣ ـ ٥٩٦ ؛ تفسير الصافي ٣ : ٦٣.
(٥). البقرة (٢) : ١٢٤.