فلا يوصف بقدر ـ إلى آخره ـ توصيف في عين نفي التوصيف ، فافهم ذلك.
قوله : (ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ)
ظاهر كون السورة مكيّة أن يكون القائل : (ما أَنْزَلَ اللهُ) بعض مشركي مكّة ، لكنّ سياق الجواب بقوله : (قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ) لا يلائمه فإنّ الأوصاف المذكورة إنّما هي لليهود دون مشركي مكة ، فلعلّ الآية مدنية كما أن قوله تعالى بعدها : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى) يحكم بكونها مدينة لا مكيّة.
قوله : (تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ كَثِيراً)
في تفسير العياشي : عن الصادق ـ عليهالسلام ـ قال : كانوا يكتبونه في القراطيس ثم يبدون ما شاءوا ويخفون ما شاءوا وقال : كل كتاب أنزل فهو عند أهل العلم (١).
قوله : (لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى)
المراد به مكّة.
في تفسير العياشي : عن علي بن أسباط ، قال : قلت لأبي جعفر ـ عليهالسلام ـ : لم سمّي النبيّ الأمي.؟ قال : «نسب إلى مكة وذلك من قول الله : (لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها) ، وأم القرى مكّة (٢) ومن حولها الطائف».
أقول : كون إنذار مكة والطائف غاية إنزال القرآن ، لا ينافي تمام الغاية إنذار كل من بلغ من أهل الشرق والغرب فإنّها غاية ذات مراتب ، وعلى ذلك جرت الدعوة النبويّة ، فقدّمت العرب ثمّ الذين يلونهم وإليه يشعر قوله : (وَلَوْ نَزَّلْناهُ
__________________
(١). تفسير العياشي ١ : ٣٦٩ ، الحديث : ٥٩.
(٢). تفسير العياشي ٢ : ٣١ ، الحديث : ٨٦.