يكتب بصير ، ويفرّق بين التاء والياء ، وكان رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ يقول : هو واحد (١) ، فارتد كافرا ورجع إلى مكة وقال لقريش : والله ما يدري محمد ما يقول ، أنا أقول مثل ما يقول فلا ينكر عليّ ذلك ، فأنا إذا أنزل مثل ما ينزل (٢) ، فأنزل الله على نبيّه في ذلك : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ) ، فلمّا فتح رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ مكّة أمر بقتله فجاء به عثمان قد أخذ بيده ورسول الله في المسجد ، فقال يا رسول الله : إعف عنه فسكت رسول الله ، ثم أعاد فسكت ، ثم أعاد فقال : هو لك ، فلمّا مرّ قال رسول الله لأصحابه : ألم أقل من راه فليقتله؟ فقال رجل : كانت عيني إليك يا رسول الله أن تشير إلىّ فأقتله ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّ الأنبياء لا يقتلون بالإشارة ، فكان من الطلقاء (٣).
أقول : وعلى ما في الرواية فهو المقصود من جميع الجمل الثلاث ، فكان تغييره القرآن من افتراء الكذب على الله ، وقوله : أنا أقول مثل ما يقول دعوى للوحي ، وقوله : فأنا إذا أنزل مثل ما ينزل دعوى للقدرة على إنزال مثل القرآن ، وهذا فوق الذي تقدّمه من الظلم ، فإنّ الأولين طعن في رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ والثالث استعلاء على الله ، ولعلّه لذلك غيّر السياق فقيل : (وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ) ولم يقل أو قال.
وفي تفسير الكشاف : في ذيل قوله تعالى : (وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما
__________________
(١). اي من جهة رسم الخطّ.
(٢). في المصدر : «أنزل مثل ما أنزل الله»
(٣). تفسير القمّي ١ : ٢١٠ ـ ٢١١.