أَنْزَلَ اللهُ) : هو عبد الله بن سعد بن أبي سرح القرشي ، كان يكتب لرسول الله صلّى عليه وآله ، فكان إذا أملى عليه : سميعا عليما كتب هو عليما حكيما ، وإذا قال : عليما حكيما ، كتب هو غفورا رحيما ، فلمّا نزلت : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ..) (١) ، عجب عبد الله من تفصيل خلق الإنسان فقال : تبارك الله أحسن الخالقين فقال ـ صلىاللهعليهوآله ـ : اكتبها فكذلك نزلت ، فشك عبد الله وقال : لئن كان محمّد صادقا لقد أوحي إليّ مثل ما أوحي إليه ولئن كان كاذبا فلقد قلت كما قال ، فارتدّ عن الإسلام ولحق بمكة ، ثم رجع مسلما قبل فتح مكّة (٢).
أقول : هو انطباق جميع الجمل الثلاث عليه ، ثم الوعيد الذي يتلوها وهو قوله : (وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ) ، فأخذ فيه الظلم ، وظاهر السياق كون اللام للعهد ، واختتام آخره بقوله : (بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) ، كل ذلك يوجب أن يكون ممّن ختم له بالشقاء ، ويؤيده ما مرّ من روايتي القمّي والعيّاشي رحمهماالله.
قوله سبحانه : (وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ)
غمرات الموت شدائده من غمره الماء إذا علاه وغشيه ، والغمرة الماء الكثير.
قوله : (باسِطُوا أَيْدِيهِمْ)
أي يطالبون أنفسهم كما يبسط المتقاضي المتسلّط يده لغريمه يستوفيه دينه ، أو كناية عن شدّة الزجر والعذاب وعدم الكفّ عن أنواع الأذى.
__________________
(١). المؤمنون (٢٣) : ١٢.
(٢). تفسير الكشاف ٢ : ٤٥.