لاستحالة تحديده بحدّ مطلقا ، ولا فرق في ذلك بين التحديد التام والناقص ، وإنما يعرف سبحانه بأسمائه وأوصافه ، ومعرفة الشيء بوجه من وجوهه معرفة لذلك الوجه حقيقة وللشيء بعرضه ، وللكلام بقية سيمرّ بك إن شاء الله.
قوله سبحانه : (وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)
اللطف : هو رقّة ، قوام الشيء بها ، يصح أن ينفذ في خلل الأجسام ، وبالتحليل والتجريد عن لوازم المصاديق المادية : نيل الشيء لكل ما ظهر وخفي ودقّ وجلّ ، وهو سبحانه كذلك ، فهو عالم بكل ما كبر وصغر وخفي لدقّته أو ظهر بكلّ مدرك من المدارك.
والخبير من الخبرة وهو العلم بالشيء بحيث يأنس العالم بمعلومه بحيث لا يشتبه عليه ولا يخطأ فيه ، ولذلك صار الغالب استعماله في موارد العلم الحاصل بتكرر الإدراك كتجربة واعتبار ، يقال : فلان من أهل الخبرة بهذا الأمر ، وبالجملة فالإسمان اللطيف والخبير من شعب الإسم العليم.
وفي الكافي : عن الرضا ـ عليهالسلام ـ في خبر طويل قال ـ عليهالسلام ـ : «وأمّا اللطيف فليس على قلّة وقضافة (١) وصغر ، ولكن ذلك على النفاذ في الأشياء والامتناع من أن يدرك ، كقولك للرجل : لطف عني هذا الأمر ، ولطف فلان في مذهبه وقوله يخبرك أنّه غمض فيه العقل وفات الطلب وعاد متغمضا (٢) متلطّفا لا يدركه الوهم ، وكذلك لطف الله تبارك وتعالى عن أن يدرك بحد أو يحدّ بوصف ، واللطافة منا الصغر والقلة ، فقد جمعنا الإسم واختلف المعنى.
__________________
(١). القضافة بالضاد المعجمة : الدقّة والمخافة [منه ـ رحمهالله ـ].
(٢). في المصدر : «متعّمقا»